إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

.10.عندما يصبح القديم جديدا عند المنعطف الحالى لمصير ثورة 25 يناير 2011

( 8 )

الإنتفاضة المصرية: خطوة جديدة إلى الأمام        

بقلم  :
مصطفي حامد (ابو الوليد المصري)
المصدر  :
مافا السياسي (ادب المطاريد)

    
يكاد أن ينعقد إجماع وطنى حول نقطة جوهرية هى ضرورة تشكيل حكومة إنتقالية مؤقتة ترأسها شخصية قضائية وطنية محترمة ، تنفذ خلال عامين برنامجا عاجلا للإنقاذ الوطنى ، يكون موضع إجماع القوى الأساسية الفاعلة فى الوطن المصرى.

 إطار هذا البرنامج على وجه العموم هو :

 1 ـ وقف عملية الإنهيار الوطنى الحادث فى كافة المجالات: الإقتصادى والسياسى والأمنى والتعليمى والإجتماعى والأخلاقى .

ذلك يستدعى بالضرورية تطهير بؤر الفساد المستشرى فى مرافق ومؤسسات الدولة على كافة المستويات، ومحاكمة المفسدين والمتجاوزين .

 2 ـ الهدف الجوهرى الذى ينبغى تحقيقه خلال الفترة الإنتقالية هو تحويل الأمة المصرية إلى المصدر الحقيقى للسلطات ، عبر مؤسسات تشريعية منتخبة وفق نظام إنتخابى شفاف ونزيه، بعيدا عن التأثيرات والضغوط الحكومية أو المالية .
 ومؤسسات تشريعية لها صلاحيات كاملة فى الرقابة والتشريع . مؤسسات تبدأ من أصغر الوحدات الإدارية وصولا إلى المجلس التشريعى العام .

 3 ـ وضع دستور يكرس سيادة الشعب على كافة شئونه ، ويحمى بناء الفرد الكريم الحر فى الدولة العادلة المستقلة القوية ذات السيادة الكاملة والإستقلال التام .
 ويشرف المجلس التشريعى العام "البرلمان" على تعيين لجنة وضع الدستور ومن ثم مناقشته وطرحة للإستفتاء العام .

 4 ـ إستعادة أموال الدولة المنهوبة وممتلكاتها من أيدى الغاصبين مهما كانت صفتهم أو الجهات الحامية لهم. وإلغاء كافة الصفقات والمشاريع الذى ثبت قيامها على أساس الرشاوى والعمولات أو شاركت فيها الأموال الإسرائيلية، أو متمولين متعاملين مع إسرائيل. وإخراج إسرائيل نهائيا من السوق الإقتصادى المصرى .

 5 ـ إلغاء كافة الإتفاقات المبرمة مع إسرائيل، وإلغاء أى تواجد لها فى مصر. وإغلاق كافة القواعد العسكرية الأجنبية، ومكاتب الإستخبارات الأجنبية العاملة على أرض الوطن بشكل رسمى أو غير رسمى ، وتحت أى غطاء كان . وملاحقة شبكات التجسس الخارجى وتفكيكها.

 6 ـ إعادة تشكيل أجهزة الدفاع والأمن وفقا لمفاهيم جديدة على ضوء الخبرات الوطنية والإقليمية والعالمية . وإشراك الشعب فى عمق العمل الدفاعى والأمنى .

 7 ـ الشروع فى إعادة هيكلة الإقتصاد المصرى بما يحقق مصالح الشعب المصرى كلة وليس فئة طفيلية بعينها. وطبقا لمصلحة الوطن المصرى وليس قوى إقليمية أو دولية مهما كانت.

 8 ـ إعادة صياغة العملية التعليمية من جذورها وفى كافة مراحلها . بإعتبار أن الموجود حاليا فى مصر لا يمكن إعتباره تعليما، بل هو تجهيل وتخريب ، شأن ماهو حادث فى كافة المجالات والهيئات والمرافق، مجرد فساد وتخريب متعمد للقضاء على حاضر ومستقبل مصر.

   9 ـ العمل فورا على إستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية ورد الهيبة والكرامة إليه. وأن يقود ذلك الجهاز المحترم الخطوات الأولى فى إعادة البناء الوطنى المنهار.
وأولى الخطوات هى إعادة الإعتبار والكرامة والحرية للمواطن المصرى المضطهد والمقهور المغترب على أرض وطنه.
الخطوة الأولى هى إلغاء كافة القوانين الطوارئ الجائرة، وإعادة محاكمة من أدينوا وفقا لتلك القوانين، والمدنيين الذين حوكموا عسكريا ، وتعويض من لم تثبت إدانتهم ورد الإعتبار إليهم . ولابد من الإفراج الفورى عن جميع المعتقلين السياسيين وتعويضهم ماديا وأدبيا.
والشروع فورا فى التحقيق فى جميع قضايا التعذيب التى يرفعها المواطنون إلى القضاء والبت فيها بسرعة فى محاكمات علنية تعمل وفق مبادئ القصاص المتكافئ والتعويض العادل، حتى نغلق الباب أمام منطق الإنتقام الشخصى وما قد يجلبه من فوضى مستقبلا .

 10 ـ تحرير الأزهر من أسر الحكومات. وتحقيق الإستقلال المالى والإدارى له ، وأن تكون مشيخته بالإنتخاب المباشر من علمائه أنفسهم .

  11ـ إلغاء وزارة الإعلام والإكتفاء بميثاق شرف يلتزم به الإعلاميون ومؤسساتهم . ويضمن لمصر أمنها الثقافى ، كما يضمن عدم سيطرة رأس المال الخارجى أو الوطنى على الإعلام ، بل تحويل ملكية المؤسسات الإعلامية إلى شركات مساهمة وطنية  تمول بالإكتتاب العام .

خطوات جديدة:

لاشك أن الحركة الوطنية المصرية قد حققت تقدما كبيرا جدا منذ السادس من إبريل الماضى . ومع ذلك فهذه الحركة ما زالت فى حاجة إلى المزيد حتى تتمكن من فرض إرادتها ونظامها الجديد .

  أهم تلك المطالب هو تشكيل جبهة لتحالف القوى الشعبية المناهضة للنظام .
    جبهة التحالف هذه تقدم مرشحها الذى سيتولى قيادة البلد فى مرحلة الإنتقال، المذكورة آنفا. وهو قاضى وطنى لا يمثل تيارا سياسيا أو فكريا بعينه. بل هو وطنى نزيه ومنصف ، شجاع وغيور على وطنه ومواطنيه.

هذه الخطوة لن يقبلها النظام الحاكم إلا إذا كان القائد الجديد "قاضى مصر" متمتعا بحماية شعبية تحول دون عدوان السلطة عليه ، بالإعتقال أو الإغتيال .
لذا لابد أن تكون الحركة الشعبية من القدرة على الفعل الميدانى التى تردع النظام وأجهزته الإجرامية من مجرد التفكير فى إرتكاب أى حماقة من هذا النوع .

     بالطبع فإن الإنتفاضة الشعبية لم تصل بعد إلى تلك الدرجة من القدرة. ومازال هناك الكثير من العمل والمجهود اللازم لتطوير قدرة الإنتفاضة حتى تصل إلى درجة طرح البديل الذى لديها علنا.

فحتى الآن يعتمد العمل الوطنى المقاوم على الإحتجاجات أو الإضرابات الموضعية المحدودة . أما العمل على المستوى الوطنى الشامل فما زال محصورا على صيغته السلبية الآمنه المتمثلة فى الجلوس فى البيوت ، أو العمل من خلف أجهزة الكميوتر.
والمواجهة الحادة التى وقعت فى المحلة الكبرى كانت خارج سياق النمط الشعبى المتبع. حيث أن النظام هو الذى رتب لها مسبقا وبادر إلى إفتعالها وفقا لبرنامجة .

   التحدى المكشوف فى الشوارع مازال غير مناسب للعمل الشعبى فى درجة نموه الحاضرة. لذا وجب تطوير قدراته وأساليبه حتى إذا دعت الضرورة لخوض هذا النوع من الصراع ، يكون الشعب هو صاحب المبادرة واليد الطولى فى رسم المسار وخلق النتائج المناسبة له.

 أول الطريق إلى ذلك هو الخوض بالعمل الشعبى فى برامج عمل جماعية سلمية وغير إستفزازية، يصعب على النظام تحويلها إلى إشتباكات بغير أن يتعرض لنقمة شعبية متزايدة ومجابهته بحماس شعبى مقاوم.

 العودة السلمية إلى المساجد:

    من المفيد جدا الإستفادة من الحشود الطبيعية فى صلوات الجمعة. وتحديد عدد من المساجد على مستوى الوطن، والمكوث فيها من بعد صلاة الجمعة إلى صلاة العصر. وقضاء الوقت فى العبادة والصلاة والدعاء وقراءة القرآن بدون أى نشاطات تتيح للأمن ذريعة للتدخل .

فى مرحلة تالية تطول مدة المكوث فى المساجد حتى صلاة المغرب. حتى نصل إلى إعتصام يوم كامل فى المساجد من صلاة الفجر وحتى صلاة العشاء.

يكون للمعتصمين حدود لتصرفاتهم متفق عليها قبل الإعتصام . مثل عدم الدخول فى مناقشات أو مشادات مع وعاظ الدولة الذين سيرسلون لبث الفتاوى الأمنية التى تجرم ما يفعله المعتصمون وتحضهم على الخضوع للطاغية عميل إسرائيل، الذى يحلو لهم تسميته ولى الأمر. والأفضل هو تجاهلهم تماما والمضى قدما فى النشاط العبادى الهادئ داخل المسجد .

أثناء الإعتصام تكون الفرق الإعلامية للإنتفاضة تغطى الأخبار وتنقلها عبر الوسائل المتاحة. وإذا أمكن فيفضل ترتيب إعتصام مسجدى بديل فى مكان آخر فى نفس اللحظة التى قد يتدخل فيها الأمن لإخراج المتعبدين المعتصمين من مساجدهم .

وأن تتوالى الإعتصامات البديلة كلما تفرق إعتصام ما، ولو فى أحياء ومدن متفرقة.
للمساجد المشهورة أهمية كبيرة جدا فى هذا البرنامج ، خاصة مساجد العاصمة، مثل الجأمع الأزهر وغيره. وهناك مساجد أخرى هامة موجودة خارج العاصمة.

الرد على فتاوى مشايخ النظام يمكن عرضها على مواقع الإنترنت وتعليقها على جدران المساجد التى يجرى فيها الإعتصام . ومن الأفضل عدم تحويل المساجد إلى ساحة جدال أو مبارزة فقهية لأن الأمن قد يحولها إلى مشاجرات ودماء وضحايا ، ويفتح لنفسه مجالا للبطش والهجوم الإعلامى على المعتصمين مظهرا نفسه مدافعا عن قدسية دور العبادة ضد متطرفين متجاوزين على الدماء والمقدسات .

من المعروف أن المساجد كانت تاريخيا منطلفا للثورات ضد الظلم الداخلى أو الإحتلال الخارجى فى مصر. والتاريخ الحديث يشهد بذلك منذ عهد الحملة الفرنسية وحتى العدوان الثلاثى . فالمسجد يعوض الخلل فى التوازن المادى ويزود المظلومين بطاقة معنوية ضخمة تجبر عجزهم ، بل تضمن تفوقهم فى الصراع ، إذا توافرت لهم القيادة المناسبة .
 الإعتصام السلمى التعبدى فى المساجد يوفر لنا نقله هامة نحو العمل السلمى الكبير الحجم، فى المجال الواسع خارج البيوت والمكاتب. ويجعل النظام خاسرا على كل الأوجه سواء إبتلع التحدى ، أو إستجاب له بحماقة كما عودنا دوما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق