أما السماسرة ومافيات المال ممن يسمون أنفسهم زورا وبهتانا رجال الأعمال فمكانهم الطبيعى هو السجون، وهذا ما سوف يفعله الشعب فى القريب العاجل ، بعد إعطائهم الإسم الحقيقى وهو رجال الأعمال القذرة .
وظيفة نظام الحكم الذى يسعى الشعب إلى تحقيقه هى توفير العدالة التامة والحرية الكاملة والسيادة الوطنية غير المخدوشة لوطن عظيم له مكانته فى الإقليم والعالم .
هذا ما يريده الشعب فمن يقدر على تحقيقه فليتقدم مدعوما بقوة الشعب، وإلا فليتنحى جانبا، ومن الأفضل أن يفعل ذلك طوعا لأن الوقت لم يعد يسمح بالمزاح السمج والإدعاءات الفارغة . ولهيب الثورات خير من يختبر معادن الرجال ويكشف حقيقة الشعارات ومدى القدرات الحقيقية للجميع . فليس من ضرورة أن يحاول أى طرف، بمجرد الصراخ والصوت العالى ، أن يعطى لنفسه أو حزبة أو شعاراته أو أيدلوجياته حجما أكبر مما يمكن أن يبرهن عليه فى ساحة الصدام الدائر على الأرض .
هناك من بدأ ـ وإن على حذر ـ فى التبشير بدور قادم للجيش فى حكم البلد ضمن جمهورية عسكرية رابعة. وله فى ذلك حجتان :
الأولى: أن الشعب لا يمكنه إحداث التغيير.
الثانية: أننا فى حاجة إلى الجيش وإلا إجتاحتنا الفوضى كما حدث فى العراق نتيجة حل الجيش .
نقول أن أولى الحجتين خطأ تماما، والثانية تهويل وخلط متعمد لتخويف المعترضين .
الحجة الأولى خطأ لأن الشعب يمكنه التغيير بل أنه فى مصر قد قطع بالفعل شوطا نحو ذلك ، وهو فى حاجة إلى فرصة زمنية لإتمام ما بدأه لأن التغيير الشعبى بطبيعته لايمكنه إعتماد فلسفة الضربة الخاطفة كما فى الإنقلابات العسكرية. فالثورة الشعبية بطيئة ولكنها جذرية. بينما الإنقلابات العسكرسة سريعة ولكنها لاتطال جوهر الإستبداد القديم ، بل تستبدل صورته الخارجية فقط وتأتى بما هو أسوأ.
وتلك هى الخبرة التاريخية فى مصر وغيرها. تلك الخبرة تقول بقدرة الثورة الشعبية على إحداث التغيير. فثورة عام 1919 فعلت الكثير وكان يمكنها أن تفعل أكثر لولا أن قيادتها كانت مترددة وغير مهيأة لصدام أكبر مع الإحتلال. وفى عام 1952 كانت مصر مهيأة لثورة شعبية جذرية ضد النظام الملكى والإحتلال البريطانى ، ولكن إنقلاب الجيش قطع الطريق على ذلك الإحتمال، وكان الإنقلاب مقبولا من كل قوة خارجية لها مصلحة فى مصر، ولكنه لم يكن الحل الأمثل للشعب المصرى .
وثبت أن النظام الإنقلابى قدم للشعب المزيد من الإستبداد والقهر ، وقدم أيضا إنجازات إقتصادية وسياسية وإجتماعية، ولكنها لم تكن من العمق الذى يؤهلها للصمود فانهارت عند الصدمة الأولى وسحبها النظام العسكرى فى جمهوريته الثانية الساداتية ، ثم فى الجمهورية العسكرية الثالثة المباركية عاد الوضع لأسوأ مما كان عليه أيام الإحتلال البريطانى والحكم الملكى .
إذن الشعب المصرى قادر على إحداث تغيير جذرى فى نظام حكمة وأوضاع بلاده ، ذلك إن تهيأت له القيادة المناسبة. وما زال أمامنا فرصة فى مصر لأن نجد القيادة الشعبية المناسبة، بل هى موجودة بالفعل، والعقبات أمام ظهورها العلنى عقبات فنية فقط .
الحجة الثانية التى تحذر من الفوضى عند حل الجيش فهى تهويل وإرعاب للمحاورين . ذلك أن أحدا من العقلاء لا ينادى بحل الجيش فذلك جنون ، ولكن الجميع يدرك أن الجيش ( وأجهزة الأمن جميعا) فى حاجة إلى إعادة بناء جديد على أسس جديدة غير التى كانت عليها لمدة نصف قرن/ بإستثناء سنوات قليلة مجيدة للجيش توجتها حرب 1973/ فلا أحد فى مصر يمكنه القول أن جيشنا أو أى جيش آخر فى المنطقة ، سوى الجيش الإسرائيلى ، جاهز للقيام بالمسئوليات القتالية المنوطة به .
نحتاج فى مصر لجيش وطنى جديد مبنى على نظرية أمن قومى صحيحة. ونأخذ من الجيش الحالى المكونات التى يمكن الإستفادة بها فى البناء العسكرى الجديد . بل أنه بدون الجيش الحالى و الخبرات والعناصر الوطنية فيه، فسيكون من الصعب جدا بناء الجيش الجديد.
هذا ويتخوف أنصار فلسفة الإنقلابات العسكرية من أن الثورة الشعبية يعقبها إضطراب وفلتان . ونقول أننا لسنا أول دولة يقوم شعبها بتغيير النظام بواسطة ثورة شعبية ، ولن نكون آخر دولة يحدث بها ذلك لا فى المنطقة ولا فى العالم. وأى عملية تغيير فى نظام الحكم القائم فى أى مكان يعقبها شئ من الإضطراب ، كما يحدث فى أعقاب أى عملية جراحية. الفرق هو أن الثورة الشعبية تواجة الإضطراب بالكثير من العمل السياسى والحد الأدنى من العنف ، بينما الإنقلاب العسكرى يواجه الإضطراب بوسيلة واحدة فقط هى العنف المطلق .
وفى الأخير نقول أن الدعوة إلى تغيير من داخل جماعة النظام الفاسد القائم حاليا ، أو بتغيير إنقلابى من داخل الجيش ومؤسسته العسكرية الآسنة، لن يقود إلى أى تغيير حقيقى فى أوضاع مصر. وبما أن إجراءات الأعداء لتفكيك مصر وتهديم بنيانها كله تسير بسرعة وثبات، فأى طريق سوى التغيير الشعبى لا يعنى سوى سوى تقديم العون للأعداء فى تدمير مصر.
بقلم :
مصطفي حامد (ابو الوليد المصري)
المصدر :
مافا السياسي (ادب المطاريد)
نشر في تاريخ 6 مايو 2008
مدونة النديم :
مختار محمود "مواطن مصرى "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق