إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

مع الإنتفاضة والثورة الشعبية فى كتاب "حرب المطاريد"

مع الإنتفاضة والثورة الشعبية فى كتاب حرب المطاريد

مع الإنتفاضة والثورة الشعبية فى كتاب "حرب المطاريد" :

سوف نناقش فى حلقات ما جاء فى كتاب حرب المطاريد عن الثورة الشعبية ، حتى نربط ما جاء فيه من " أبحاث نظرية" بما جرى ويجرى على الأرض العربية من إنتفاضات شعبية تحمل فى طياتها إحتمالات عظيمة من الأمل والخطر .
 ولأن الغد هو صندوق مغلق لا يعلم أحد ماذا بداخلة ، فربما يحوى مفاجأة سارة وربما يحوى قنبلة. لذا فإن تلك الحلقات ستنشر دفعة واحدة ، وعلى القارئ الكريم أن يقرأها على تمهل ، أو لا يقرأها أصلا إن أراد .

بقلم  :
مصطفي حامد (ابو الوليد المصري) 18-4-2011
المصدر  :
مافا السياسي (ادب المطاريد)


مجموعة المقالات:
      -   الثورة الشعبيــــة (العـصيان المدنى ـ الإنتـفاضة)
      -    معضلة الجيش
      -    الثورة الشعبية المسلحة
      -    إستخدام سلاح الوقت فى الثورات(الجزء الاول)
      -    إستخدام سلاح الوقت فى الثورات (الجزء الثاني )
      -    إنـضـبـاط وتـكـافـل


الحلقة الأولى

( النص الأصلى المأخوذ من الفصل الثالث من كتاب حرب المطاريد ، سيكون باللون الأسود ، أما التعليقات عليه والتى تربطها بالأحداث الجارية فسوف تكون باللون الأزرق ) .
                                                              

الثورة الشعبيــــة
(العـصيان المدنى ـ الإنتـفاضة)

تعريف:                                
الثورة الشعبية هى عملية عصيان مدنى واسع النطاق ، تقوم فيه الجماهير تحت قيادة مقتدرة، بهدف إسقاط نظام الحكم القائم وإستبداله بحكم صالح يلبى مطالبها الحالية وطموحاتها المستقبلية فتشل الإنتفاضة قدرة الحكومة على إدارة البلاد. وتستمر الجماهير فى الشوارع،متصدية لحملات القمع والترويع إلى أن يستسلم النظام ويسقط ، وتتولى قيادة الإنتفاضة زمام الحكم وإدارة البلاد .

# إفتقدت الإنتفاضة الشعبية فى مصر وباقى الدول العربية إلى قيادة (فيما عدا إنتفاضة البحرين التى هى معرضة للخطر من نواحى أخرى) . وذلك نقص شديد يعرض الثورة لخطر الفشل وهو ما يعنى نتائج وخيمة على الشعب كلة ومجازر تقوم بها عصابات حكومية غير معلنة كما حدث فى دول أمريكا الجنوبية التى فشلت ثوراتها الشعبية فتعرضت لمجازر منظمة على أيدى "فرق الموت" التى أشرفت عليها المخابرات الأمريكية وقادة بارزون فى حركة المحافظين الجدد من الذين أحاطوا بالرئيس جورج بوش ورتبوا معه حادث 11 سبتمبر وما تلاه من حروب على أفغانستان والعراق ولبنان وغزة.
ـ عصابات الموت فى مصر كانت مجهزة منذ زمن تحت إدارة جهاز أمن الدولة وبتوجية المخابرات الإسرائيلية والأمريكية، وهى تعمل منذ الآن وتمارس مختلف أنوع الجرائم بمافيها القتل وإشعال الفتن وبث الفرقة بين مكونات الإنتفاضة الشعبية ( أو مشروع الثورة).
ـ أتيحت الفرصة للإنتفاضة الشعبية فى مصر أن تتولى السلطة وذلك فور إستقالة مبارك ليل 11 فبراير 2011. ونظرا لغياب القيادة والحال المؤسف لتشتت القرار ، ومحاولة الأحزاب والقوى السياسية أن يقفز بعضهم فوق أكتاف بعض ويتملق السلطة التى تمسك بزمام الأمور سواء مبارك أو المجلس العسكرى من بعده ، وما ترتب على ذلك من ضياع الفرصة التاريخية التى هى بطبيعتها صعبة التكرار للغاية ، تمكن النظام وأسيادة فى واشنطن وتل أبيب من داخل غرف عملياتهم فى شرم الشيخ والقاهرة أن يعدوا خطط الثورة المضادة، ويعيدوا تنظيم أدواتها.

...............................

     نشير هنا إلى أن عملية التغيير بواسطة الثورة الشعبية والعصيان المدنى هى عملية تتمتع بمزايا كثيرة جدا عن عملية التغيير بواسطة المواجهة المسلحة بإسلوب حرب العصابات .
فالخسائر فى هذه الحالة قليلة جدا إذا ما قورنت بخسائر الحرب المسلحة، والبنية التحتية تبقى سليمة بوجه عام ، وخسائر الأرواح محدودة إذا قورنت بمثيلتها فى الحرب المسلحة.

التعليق :
# حاليا تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل عبر الأنظمة الحاكمة إلى تحويل الإنتفاضات إلى مسارب مدمرة مثل العنف الأعمى والفوضى الشاملة ، أو الصدام مع الجيش وتحويل الإنتفاضة إلى ثورة مسلحة لا تتوفر لها مقومات النصر.
 ( وهذا هو الفخ الذى سقطت فيه الإنتفاضة فى ليبيا التى لا تمتلك قيادة متمكنة أومناسبة فوقعت البلد فى فوضى ودمار ، والغالب أنها تتجه صوب التقسيم والوقوع تحت سيطرة أمريكا ودول حلف الناتو، هذا مالم يختار الشعب لثورته قيادة قوية مطاعة ، وينحى عن القيادة ذلك الخليط المؤسف الذى يدير الأمور الآن بشكل مأساوى) .

 ...............................

والثورة الشعبية لا تعرض الشعب لمخاطر الحرب الأهلية وبالتالى تبقى صفوف الشعب أكثر تماسكا.
لهذا تبقى الإنتفاضة أوالثورة الشعبية خيارا مفضلا إذا كان الإختيار ممكننا بين الوسيلتين. ولكن الأغلب هو أن الظروف المحيطة بعملية المواجهة هى التى تدفع نحو الخيار الأنسب المتاح .

التعليق :

# منذ إتفاق السلام مع مصر عمدت إسرائيل بكل قوة إلى تقسيم المنطقة على كل أسس التقسيم الممكنة من الطائفية والمذهبية إلى الوطنيات الضيقة إلى القبليات والعرقيات إلى التشقق السياسى داخل كل قطر ، أو بين أنظمة الحكم فى الأقطار المختلفة .
كان فى ذلك تحويلا للإهتمام والطاقة الشعبية إلى صراعات داخلية تضعف الجميع (بمافى ذلك الأنظمة الحاكمة العميلة) وتصرفهم عن معركتهم الحقيقة مع إسرائيل من أجل تحرير فلسطين.
ـ الأنظمة رأت فى تلك السياسة تأمينا لإستمراريتها وإضعافا للشعوب ومنعها من التفكير فى الثورة أو القدرة عليها.
الإنتفاضة فى مصر تمكنت من تخطى هذه المشكلة بسرعة وسهولة مذهلة. وبدا وكأن مجهودات إسرائيل ومبارك قد تبخرت فى ثوان . ولكن الثورة المضادة إنطلقت أيضا فى ميدان التحرير فى نفس ليلة الإنتصار فى 11 فبراير فأضاعت الفرصة التى فتحت الطريق إلى تولى السلطة مباشرة ، وسلموها للمجلس العسكرى ، ثم إنهمكوا فى إسباغ القدسية عليه والمبالغة فى صفاته الحميدة التى لا وجود لها، وخلطوا بين الجيش (الذى هو وطنى ومن أبناء الشعب ) وبين المجلس العسكرى الذى هو إبن النظام والحامى الأكبر له والذى يعطى ولاءه الحقيقى إلى حيث تأتيه المليارات من دولارات "المعونة" الحرام ، أى من الولايات المتحدة.
والجيش وإن كان وطنيا إلا أنه ليس كيانا مقدسا بل هو مجرد جهاز دفاعى ومصر فى حاجة ماسة إلى إعادة بنائه من جديد من كافة النواحى. فالجيش الحالى بناه نظام فاسد، وأنفق عليه العدو الأمريكى المليارات، ليس ما أجل مصر بل من أجل حراسة نظام مبارك وحراسة أمن إسرائيل، وليكون رصيدا لمشاريع أمريكا فى المنطقة . فإذا نجحت الثورة فى مصر فلا بد لها أن تبنى جيشا جديدا يحمى الشعب والثورة فى مصر، ولا يحمى أعداء مصر فى الداخل والخارج.
...............................

هناك عنصران هامان فى الشروط الواجب توافرها لنجاح الإنتفاضة الشعبية وهما:
1 ـ وضعية المدن           2 ـ وضعية الجيش

فكرة الثورة الشعبية تركز على دور العاصمة والمدن فى الإقتصاد المحلى.
فإذا كان الإقتصاد متطورا بحيث يكون للإنتاج الصناعى دورا هاما وبارزا، فإن العصيان يكون مؤثرا لأنه يشل ذلك القطاع الهام، ويظهر التأثير سريعا على إقتصاد الدولة، وتترنح الحكومة، ويبدأ النظام فى التفكك إذا إمتدت فترة العصيان.
أما إذا كان إقتصاد الدولة بدائيا ويعتمد أكثر على الزراعة والرعى فإن إنتفاضات المدن تكون قليلة التأثير على النظام ويمكنه إستيعابها حتى ولو إستمرت لفترة طويلة.
أيضا كلما كانت العاصمة كبيرة ومعقدة، ومكدسة سكانيا، وتركزت بها حركة تجارية ضخمة، مع قطاع صناعى كبير بداخلها وعلى أطرافها، وكلما تضخمت الأحياء الشعبية الفقيرة والأحياء العشوائية ، ومدن المقابر على أطرافها، كل ذلك يسهل عمل الثوار ويجعل الإنتفاضة أكثر فعالية ومهمة قٌمعها غاية الصعوبة ، كما أنها تستغرق وقتا أقصر فى إسقاط النظام القائم وإستيلاء الثوار على زمام السلطة.

التعليق:

 أهمية المدن .. خاصة العاصمة :
# الإنتفاضة الشعبية فى مصر كانت الأكثر إستفادة من مزايا عاصمتها "القاهرة " فى إشعال الإنتفاضة فى كل البلد ووصولها إلى مرحلة الثورة الشعبية وإسقاط رئيس النظام فى وقت قياسى ، ولكن لسبب ما أحجم الثوار عن تسلم السلطة عندما وصلت إلى أيديهم"!!".
فقد أحاطت بالثورة عناصر مشوشة من فرق "الكشافة الثورية" فى ميدان التحرير التى طفت على سطح الثورة بلا أى كفاءة لقيادة ذلك العمل الشعبى العظيم . كما إنضم إليهم عملاء للنظامين المحلى والعالمى يتقنون فن الصوت المرتفع والتحرك المسرحى والغوغائية مع تغطية مناسبة وفرتها لهم محطات التلفزيون الفضائية .
ـ فالقاهرة تتمتع بميزة المدينة المعقدة التى يستحيل على أى جيش السيطرة عليها إذا قرر سكانها الثورة . لهذا أحجم قادة الجيش (المجلس العسكرى) عن محاولة قمع سيكونون على رأس ضحاياها، وتقضى على مستقبلهم المهنى ، الذى لا يتعدى كونه إستلام المال الحرام من أمريكا على هيئة "معونة عسكرية" هى نصيبهم من ثمن الخيانة التى يتلقى نظيرا لها باقى مكونات النظام (الرئاسة / رجال الأعمال/ أجهزة الأمن) فى أشكال مختلفة من عمولات وسمسرات وصفقات نجسة مع إسرائيل وأمريكا والغرب عامة.
 لم يدرك الثوار فى مصر وضعهم بشكل جيد ولا إمكانات مدينة هائلة الحجم والسكان مثل القاهرة ، خاصة عندما تنضم إليها باقى عواصم الأقاليم وتساندها بحوالى عشرة ملايين متظاهر كما حدث يوم 11 فبراير2011 . إن المجلس العسكرى لم يكن يمكنه قمع ثورة بهذا الحجم والحماس، لهذا لم يفعل.
 وليس كما قال العاجزون من "الكشافة" وزملائهم من عناصر الثورة المضادة والإنتهازيين السياسيين بأن الجيش حمى الثورة. إن الجيش حمى نفسة فقط ، والمجلس العسكرى أعجز من أن يأخذ قرارا بإستخدام القوة ضد ثورة شعبية مصرية مكتملة النمو ، الآن أو مستقبلا إذا تكررت نفس الظروف وخرجت نفس أعداد الجماهير إلى شوارع العاصمة وباقى المدن .
ليس فقط لأن القاهرة مدينة عملاقة من حيث الحجم وعدد السكان ، ولكن أيضا لأن الجيش /من رتبة المتوسطة وحتى الجنود / هم القطاع الأعظم المرتبط بوطنه وهمومه، وليس مرتبطا برجس العمولات والرشاوى المسماة معونات عسكرية ، هذا الجيش لن يطلق النار على إخوانه فى شوارع المحروسة ، فهو إما أن يطلقها على صدور جنرالات الخيانة والعمولات ، أو أنه سيغادر صفوف الجيش وينضم إلى الثوار . وهذا بدأ بالفعل فى ميدان التحرير فى أيام ما قبل 11 فبراير. ولكن عدم وجود قيادة ، جعل منصة التحرير تتشبع بعناصر الإنتهازية السياسية والثورة المضادة و"الكشافة الثورية"، الذين أضاعوا الفرصة كما أضاعوا أبطالا مخلصين من ضباط الجيش إنضموا إلى ثوة يتبناها الجميع حتى أعداؤها ، ولكن لا يقودها أحد ، ويأخذ كثيرون بزمامها صوب الفشل، فضاع هؤلاء الضباط الأبطال واستفرد بهم النظام ويمكن تخيل مصيرهم الدامى.
      إن القاهرة إذا قررت الثورة ، وكانت تحت قيادة حقيقة، فلن يستطيع أى جيش فى العالم أن يسيطر عليها. وفى القرن التاسع عشر أجبرت ثورات القاهرة " بقيادة الأزهر الشريف" جيش نابليون / الأعظم فى العالم وقتها/ على الفرار من مصر . والجيش الإسرائيلى كان يمكنه إقتحام القاهرة فى أعوام 1967 كما فى 1973 بعد خيانة السادات. ولكن الإسرائيليون كانوا يعلمون أن دخول القاهرة وقتها ممكن ولكن الخروج منها مستحيل ، لأن الشعب هو الذى سيحارب فى شوارعها وليس نظام الخيانة برئاسة السادات وبطانته التى منها مبارك وأشباهه الذين مازالوا حتى الآن متحكمين وفاعلين فى الدولة والجيش والأمن والإقتصاد.

بقلم  :
مصطفي حامد (ابو الوليد المصري) 18-4-2011
المصدر  :
مافا السياسي (ادب المطاريد)
www.mafa.asia            
...............................

الحلقة الثانية

 معضلة الجيش
الجيش هو التحدى الأكبر أمام الثوار ، سواء كان خيارهم هو الكفاح المسلح طويل الأمد، أو كان الإنتفاضة المدنية. لذا كانت دراسة الجيش وتحديد السياسة إزائه هى من أهم الدراسات "المصيرية " التى تجريها قيادة الثوار .
ويلتحق بتلك الدراسة حالة القوات العسكرية الأجنبية الموجودة على أرض الدولة على إعتبار أنها قوات معادية قد تتدخل ضد محاولة الشعب تغيير النظام العميل.
إذن هناك الجيش "الوطنى" وطبيعته ـ ثم القوات الأجنبية وأوضاعها ونواياها .

 *    إذا كان الجيش "الوطنى" قائم على مبدأ التجنيد الإجبارى فإن جنوده يكونون من أبناء الطبقات الشعبية ، ويتأثرون بما يجرى فى البلد ويؤثر عليهم كباقى أفراد الشعب. فإذا كانت حالة الثورة متفشية فى الشارع فإنها تكون فى صفوف جنود الجيش بنفس المقدار.
ـ وإذا كان ضباط الجيش ليسوا حزبين أو عقائدين، فإن الضباط يكونون أقرب إلى التيارات السياسية فى الشارع .
ـ هناك الجيوش الحزبية والعقائدية وفيها طبقة الضباط تكون معادية بشكل أكبر للشعب وقريبة جدا من السلطة ، وهى أقرب لإستخدام العنف دفاعاً عن النظام .

تعليق :

( فى ثمانينات القرن الماضى أثبتت تلك الجيوش فى العراق وسوريا عن إستعدادها لممارسة أقصى درجات العنف ضد الشعب دفاعا عن الطائفة والحزب والنظام العقائدى الحاكم ).

ـ أيضا الجيوش القائمة على الإحتراف والتطوع وليس التجنيد الإجبارى ، فإن جنودها يكونون أبعد عن نبض الشارع ، وهم أقرب إلى إرتكاب جرائم العدوان على أفراد الشعب . وهم أفضل تدريبا وإنضباطا من الجيوش الآخرى .

 تعليق :

( وذلك واضح الآن فى الجيش الباكستانى الذى يساند الجيش الأمريكى فى حرب إبادة ضد القبائل تحت الشعار الإستعمارى الأمريكى " الحرب على الإرهاب".
 ذلك الجيش قائم على مبدأ الإحتراف وليس التجنيد الإجبارى . وتسيطر عليه طبقة من الضباط تدخل الأمريكيون فى إختيارهم ، خاصة بعد إغتيال الرئيس ضياء الحق الذى حاول حفظ مسافة محدودة من الإستقلال عن الولايات المتحدة رغم تحالفه الكامل معها ) .

ـ هناك أنظمة تصنع طبقة "مرتشية " من الضباط وفيها يخصص للضباط إمتيازات إقتصادية كبيرة تضعهم فى مستوى أعلى بكثير من المستوى المتوسط للشعب لكسب ولائهم. هؤلاء فى الأغلب يكونون على إستعداد للقتال دفاعا عن أوضاعهم المعيشية العالية وعن النظام الذى يقدم لهم الرشاوى الكبيرة .

تعليق :

( هذا واضح جدا فى باكستان أيضا . أما الدول العربية الدائرة فى الفلك الأمريكى فالضباط الكبار يتلقون رشاوى كبيرة من النظام إلى جانب إطلاق يدهم فى تجارة السلاح دوليا ، مع السماح لهم بنسبة من العمولات على الأسلحة المستوردة من أمريكا والغرب ، ناهيك عن إستفادة خاصة من المعونات العسكرية التى تقدمها الولايات المتحدة لتخرب الجنرالات الكبار وإتلاف الجيش ومنعه عن تأدية واجبه الوطنى فى حماية الدولة من عدوها الخارجى ).

ـ هناك أيضا طبقة الضباط الجهوية أو الفئوية ، وتظهر فى الأنظمة المتخلفة التى يسيطر فيها أبناء جهة أو فئة أو طائفة معينة على مقاليد النظام كله بما فيها الجيش.هؤلاء يدافعون بعنف عن النظام لأن الإطاحة به تعنى ضياع مستقبلهم المهنى والسياسى والإقتصادى الذى بنى على هذا الوضع الشاذ .

 تعليق :

( لا يكاد يخلو بلد عربى من تلك الظاهرة . ولكنها أشد وضوحا فى البلاد الأقرب إلى البداوة مثل بلاد جزيرة العرب واليمن وليبيا ، أو تلك التى تكثر فيها العرقيات والطوائف مثل العراق وبلاد الشام . وهى أقل ظهورا فى البلاد الأكثر تطورا وتجانسا إجتماعيا مثل مصر وتونس ) .

 ـ بالطبع هناك دول متخلفة تجتمع فى ضباط جيوشها، عدد من المواصفات السابقة. فقد تكون عقائدية وفئوية وحزبية فى آن واحد . حدث ذلك فى أفغانستان "السوفيتية" سابقا، وفى سوريا والعراق واليمن الجنوبى وغيرهم .
مثل تلك الجيوش أكثر إستعدادا لإستخدام القوة المسلحة ضد أى تحرك شعبى.
وقد برهنت الجيوش المذكورة على ذلك فعليا. واستخدمت العنف المفرط وقتلت عشرات بل ومئات الألوف من مواطنيها دفاعا عن الأنظمة.
ـ إذا كانت الدولة تحت الإحتلال، فإن الثورة الشعبية أو المسلحة، تجابهها قوات الإحتلال، التى تدفع أمامها قوات القمع المحلية وهذا يتيح مرونة أكبر لقوات الإحتلال أن ترتكب المجازر وتجد لها شريك، تلقى عليه المسئولية كاملة.
كذلك عمليات التعذيب والقتل فى المعتقلات تضيع مسئوليتها، إن كان هناك أى مسئولية، ما بين الإحتلال والسلطة العميلة.

 تعليق :

( كما هى الحال فى العراق وافغانستان الواقعتان حاليا تحت الإحتلال الأمريكى ).

ـ خلال الإنتفاضة الشعبية، إذا تقاعس الجيش الوطنى عن إطلاق النار بالشكل المطلوب، فربما شاركت قوات أجنبية، ترتدى ملابس الجيش الوطنى، فى إطلاق النارعلى المتظاهرين، كما فعلت قوات إسرائيلية أثناء أحداث أحداث الثورة فى إيران .
والهدف من ذلك كان تخريب العلاقة بين الثوار والجيش ، وهى العلاقة التى بدأت تتحسن وبدأ الجيش يميل إلى جانب الثوار بالتدريج، وقد إنضم إليهم فى نهاية الأمر.

  تعليق :

( أبلغ ثوار تونس عن وجود قناصة مرتزقة يطلقون النار على المتظاهرين . وألقوا القبض على أوربيين معهم بنادق قنص قيل بعد ذلك أنها للصيد!! وأفرجت السلطات عنهم . كما أن شركات المرتزقة الدوليين التى لها أفرع قانونية حول العالم توفر هذه الخدمات للحكومات المعنية بضرب الثورات . طبعا من يدفع أكثر يحصل على خدمات أفضل ودول النفط العربى تدفع بسخاء نظير خدمات تلك الشركات فى مجالات الأمن والحراسات و"مكافحة الإرهاب" !!!
وفى البحرين حاليا يقوم الجيش السعودى وقوات الإمارات بدور قوات الإحتلال الأجنبى " بالوكالة عن أمريكا" لقمع ثورة شعب البحرين تحت شعار طائفى بائس وكاذب. لأنهم إن كانوا يقاتلون فى البحرين لمنع الأغلبية الشيعية من الحصول على حقوقهم كمواطنين ، فلماذا توجد قوات من ذلك المجلس "من الإمارات تحديدا" تقاتل فى أفغانستان إلى جانب الأمريكيين فى قندهار وهلمند ؟؟. هذا المجلس يقاتل فى البحرين دفاعا عنها كقاعدة / آمنة ومستقرة / للأسطول الأمريكى الخامس فى مياه الخليج العربى " الأمريكى فى واقع الأمر" ) .
...............................
   
وفى الحقيقة فإن أى دولة إستعمارية تتردد كثيرا فى دفع قواتها للعمل ضد ثورة شعبية مقتدرة، من أجل مساندة نظام عميل وعاجز. ذلك أن إحتمالات فشلها تكون كبيرة ومستقبلها فى ذلك البلد سيكون مظلما.

 تعليق :

 ( ثوار ليبيا الحاليين رفعوا ذلك الحرج ووجهوا الدعوة إلى الدول الإستعمارية لإنقاذهم من القذافى !!. وسابقا قامت أحزاب العراق من المعارضين لحكم صدام بالتآمر مع أمريكا وحرضوها على إحتلال بلادهم . وعملوا مع المستعمرين كميليشيات طائفية مقيتة تدمر المجتمع وتفتت قواه المجاهدة.
 ويبدو أننا أمام نوع جديد من الثوار قد تؤدى أعمالهم إلى عودة الإستعمار القديم من نافذة الثورات الشعبية !!. ولذلك أسباب يجب بحثها بعناية حتى تكون الثورات طريقا نحو تغيير حقيقى فى أوضاع شعوب المنطقة وليس إنتكاسة إلى الأسوأ.
إن تعاون مشترك عابر للحدود بين ثوار المنطقة هو بديل معقول ومقبول بدلا من الإرتماء مرة أخرى فى أحضان الإستعمار الغربى "المتطور" هربا من الإستعمار المحلى "البدائى والمتخلف" .
ونمضى أكثر وراء ذلك الأمل فنقول أن جميع الثوار العرب عليهم معاونة شعب العراق لطرد المستعمر الأمريكى من بلاده وتخطى محنة الطائفية.
 وجميع ثوار العرب عليم تقديم كافة أنواع الدعم للشعب الأفغانى حتى يستكمل تحرير بلاده من الغزاة الأمريكيين والأوربيين . فالتحرير العربى بدأ من تصدع وتركيع الجيش الأمريكى على يد المجاهدين الأفغان.
 قد يبدو بعض ذلك على أنه نوع من الخيال العلمى ، ولكن كم من الخيال العلمى تحقق وأصبح الآن إنجازا غير حياة البشرية؟؟ . وهذا الخيال الثورى سيصبح يوما حقيقة كبرى تغير واقع العرب والمسلمين والعالم. وما ذلك على الله بعزيز.
إن ثوار مصر وتونس كان عليهم تقديم كل أنواع الدعم / بما فيها العسكرى لثوار ليبيا. وثوار مصر وتونس وليبيا واليمن كان عليهم تقديم الدعم لثوار البحرين فى مقابل الغزو الأمريكى بالنيابة والذى تقوم به قوات السعودية ومجلس "التعاون على الإثم والعدوان" .
ـ لقد أخطأ ثوار ليبيا كما أخطا ثوار مصر فى تقدير موقف الجيش إزاء ثورتهم. فى مصر كان الجيش غير قادر على فعل أى شئ لضرب الثورة بالقوة ، وإن كان قد إحتواها بعد ذلك بالخداع وبمساعدة جيوش الإنتهازية السياسية التى إبتليت بهم مصر على مر العصور من أعوان جميع الحكام وعبيد كل مستعمر. بينما على الجانب الليبى كان الجيش مستعدا لفعل كل شئ وكل جريمة من أجل حماية عرش العقيد.
 والسبب راجع إلى إختلاف طبيعة الجيش فى البلدين. فهو جيش وطنى متجانس فى مصر، بينما هو فى ليبيا جيش العائلة وتحديدا جيش "الأب والإبن" وليس مجرد القبيلة. وجيش العائلة هو الذى يقاتل الآن بعد إنصراف ذوى الضمائر الحية منه وإنضمامهم إلى الثوار. ويستعيض جيش عائلة القذافى بالمرتزقة الدوليين من كل العالم وليس أفريقيا فقط. وظاهرة مرتزقة الحروب أصبحت ظاهرة دولية وقانونية بعد أن إعتمدتها الفاشية الأمريكية كمورد بشرى ذو مزايا سياسية ومالية. ومن ثم أصبح سياسة دولية بعد 11 سبتمبر والإنقلاب الفاشى فى الولايات المتحدة. فتعداد المرتزقة يعادل تقريبا تعداد الجيش الأمريكى فى أفغانستان.وأكثر من ضعف تعداده فى العراق .
ـ ولكن يبدو أن ثوار اليمن يتصرفون بحكمة يمانية تقليدية إزاء ذلك الموضوع الشائك رغم إمتلاكهم للسلاح والعصبية القبلية التى بها يمكن مواجهة الجيش، لكنهم يدركون أن ذلك قد يؤدى إلى تفتيت ودمار البلد. فهناك السعودية الجاهزة لإبتلاعه أو الهيمنة عليه سياسيا وإقتصاديا،ومن ثم إستخدامه لصالح المشروع السعودى الأمريكى الإسرائيلى المشترك ). 

بقلم  :
مصطفي حامد (ابو الوليد المصري) 18-4-2011
المصدر  :
مافا السياسي (ادب المطاريد)
...............................

الحلقة الثالثة

الثورة الشعبية المسلحة
قد تتحول الإنتفاضة الشعبية إلى ثورة شعبية مسلحة فى الحالات التالية :
ـ إذا كانت الدولة ضعيفة إقتصاديا وغير صناعية، ومتخلفة إقتصاديا إلى درجة أن العاصمة لا تمثل قيمة إقتصادية كبيرة بحيث أن تكبيلها بعصيان مدنى لا يؤثر كثيرا على الوضع الإقتصادى للدولة وبالتالى إستقرار النظام.

( عدم أهمية العاصمة "وباقى المدن" إقتصاديا، واضح فى معظم الدول العربية . ونرى تأثير ذلك على الإنتفاضة فى ليبيا وتحولها إلى حروب مكشوفة مع النظام ، أو حرب من طرف واحد كما فى البحرين . وربما ينتقل نموذج الثورة الشعبية المسلحة إلى اليمن والأردن وعمان ، حيث أن العاصمة لا دور لها فى النظام سوى حاجته إلى مكان للإحتفالات الرسمية وإستقبال الضيوف . لكن لا قيمة إقتصادية خاصة لتلك العاصمة حيث أن الدولة تعتمد على موارد مثل بيع النفط أو المساعدات الخارجية. لذا فإن عدد من حكام تلك الدول أعربوا عن عدم حاجتهم أصلا إلى مواطنيهم ، حسب أقوال للعقداء القذافى و صالح . وفى الأغلب أن ذلك هو شعور كل الأنظمة العربية لولا حاجتها لمن يصفقون للحاكم فى أعياد "الثورة" على الحرية "وأعياد "الجلوس" على صدر الشعب .
وما تزال اليمن مرشحة لتكون نموذجا فريدا لنجاح الإنتفاضة فى إسقاط نظام الحكم فى بلد قبلى ذو إقتصاد غاية فى التخلف ومدن لا قيمة إقتصادية لها ، بدون التحول إلى ثورة شعبية مسلحة. والشرط هنا هو تحالف قوى بين فكر الثوار وقوة القبائل والجيش من إجل إزاحة النظام إذا تأكد أن لا سبيل أمامه للبقاء نظرا لتسرب كل مصادر القوة من بين يديه) .

ـ أو أن الدولة متطورة صناعيا والعاصمة أيضا قوية ولكن الدولة واقعة تحت إحتلال أجنبى مصمم على البقاء، وما زالت البلاد تمثل قيمة كبيرة لديه، فإن الثورة الشعبية ستجابه بالمجازر.
فى تلك الحالات يجد الثوار أنفسهم أمام إختيار إجبارى بإسخدام السلاح المتاح بين أيديهم دفاعا عن أنفسهم، ونكون أمام حالة خاصة يطلق عليها "الثورة الشعبية المسلحة" ـ أو الإنتفاضة المسلحة" ميدانها الأساسى هو شوارع العاصمة والمدن. فإذا كان الجيش الوطنى قويا بما فيه الكفاية تحول الأمر إلى مجازر وحمام دم تزهق فيه آلاف الأرواح من أبناء الشعب.

 تعليق :
(حدث ذلك فى ثورات المجر عام 1956 ثم تشيكوسلوفاكيا عام 1968 وقد قام الجيش الأحمر السوفيتى بما يلزم فى تلك الحالات وقضى على الثوار بقوة الدبابات فى الشوارع.
والآن ثبت أن الإحتلال المحلى يزيد ضراوة عن الإحتلال الأجنبى فى دولنا العربية المتخلفة إقتصاديا وسياسيا, كما هو وضع ليبيا الآن. فقد بدأت المجازر على يد الجيش، وحمل الثوار السلاح ، واكتشفوا عجزهم أمام قوات القذافى، والسبب ليس قوة أعدائهم بقدر ما هو ضعف قيادتهم وهزالها. لهذا بادرت بالإستغاثة بالعدو الأكبر للشعوب أى "مجلس الأمن" الذى هو عمليا الولايات المتحدة وتابعها حلف الناتو. وذلك أضر بالثورة كثيرا وغير من صفتها الثورية إلى تابع وأداة لقوة إستعمارية دولية. وذلك فى مصلحة النظام الحاكم الذى سيتباهى بوطنيته ودفاعه عن تراب الوطن . لقد كانت دعوة الإستعمار من جديد إلى ليبيا مصلحة كبرى لأمريكا والناتو وخطر عظيم يهدد ثورات مصر وتونس ، ويؤثر سلبا على كل شعوب المغرب العربى وآمالها فى التغيير . وهكذا هى الثورات : مالم تتوفر لها قيادة مقتدرة تحولت إلى وبال على الشعب ونكسة عظمى فى أوضاعه ) .

ـ إذا كان الجيش ضعيفا، فيمكن أن تتقدم الثورة وتحرز نجاحا وقد يصلون إلى الحكم، كما حدث مع حركة طالبان فى أفغانستان فى زحفها المسلح نحو العاصمة الذى إستغرق عامين (94 ـ 1996).
وحتى إذا كانت الدولة صناعية ولكن إنتفاضتها عشوائية وغير منظمة، بينما يتمتع النظام بحلفاء أقوياء مستعدون لإستخدام القوة لحمايته من ثورة عشوائية لايمكنها الصمود ولا تتمتع بقيادة جيدة، فإن الإنتفاضة ستجابه بالقمع العنيف وتفشل.
(ثورة المجر 1956 وثورة تشيكوسلوفاكيا عام 1968 ).

بقلم  :
مصطفي حامد (ابو الوليد المصري) 18-4-2011
المصدر  :
مافا السياسي (ادب المطاريد)
...............................

الحلقة الرابعة
 إستخدام سلاح الوقت فى الثورات-الجزء الاول

 نشير هنا إلى الأهمية الفائقة لعنصر الوقت. تماما كما فى حرب عصابات طويلة الأمد، فإن النظام يسعى إلى إنهاء الأزمة فى أسرع وقت، قبل أن تتفاقم تأثيراتها. بينما الثوار يسعون إلى إطالة أمد المواجهة، لدافع أساسى هو بناء قواهم الذاتية تدريجيا وصولا إلى حالة من القوة تمكنهم من حسم معركتهم مع نظام كان قويا فيما مضى ولكن جراح المعارك الطويلة إستزفت قواة المادية والمعنوية.

 تعليق :

# فى حروب العصابات يشترى الثوار الوقت بواسطة المعارك الصغيرة وأسلوب الكر والفر "إضرب واهرب" كنوع من التدريب وتعبئة الشعب معنويا وحشد وسائل القوة تدريجيا إلى أن تحين لحظة الإنتقال إلى المرحلة التالية من حرب العصابات .
 ـ أما فى الثورات الشعبية فإن التجهيز لها يكون أطول ، وهو فى مرحلته الأولى عبارة عن مواجهات صغيرة ومتدرجة مع النظام عبر الإضرابات والإعتصامات الصغيرة ، وخوض المحاكمات فى صراع قانونى مع النظام ، ونشر الأدبيات التى تنبه الشعب إلى حقوقة وضرورة إستعادتها .. إلى آخر سلسلة طويلة من عمليات التوعية والحشد والصدام المحدود ولكن المتصاعد ، وصولا إلى اللحظة الحاسمة فى إعلان العصيان المدنى الشامل لإسقاط النظام .
وفى هذا الطريق خاض الشعب المصرى تجارب عديدة : مثل تجارب المظاهرات الطلابية والشعبية ضدعبد الناصر فى أعوام 68 & 1979 ـ ثم فى أعوام 72 & 1977 ضد السادات . ثم تجربة الإغتيال السياسى التى أودت بحياة السادات عام 1981 . ثم تجربة الخروج المسلح على نظام مبارك ، والتى قام بها تنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية خلال التسعينات فى القرن الماضى . ثم محاولة تكرار عملية الإغتيال السياسى ضد مبارك فى أثيوبيا. بعد ذلك بدأ الكفاح المدنى ضد نظام مبارك فى سلسلة طويلة من الإعتصامات والإضرابات وحركات الإحتجاج وأهمها حركة كفاية. ثم شباب الإنترنت وكفاحهم التنويرى الذى فجر شرارة الإنتفاضة.

...............................

 إنتفاضة فى مصر " وتونس أيضا" لم تصل إلى درجة الثورة الكاملة .
 وتمر ثورة مصر تحديدا فى منعطف خطير للغاية. فالمجلس العسكرى يسعى إلى تطبيق خطة مبارك " أو أسياد مبارك" فى الحفاظ على جوهر النظام مع تغيير فى الوجوه وتعديلات فى المواضع النسبية للقوى التى بداخله .. بحيث:
 1 ـ يتحسن موضع الجيش ويصبح فى الصدارة بدلا أن كانت أجهزة الأمن الداخلى وجهاز أمن الدولة هم القوة الأولى التى تسيطر على الدولة .
2 ـ سوف تتراجع سلطات رئيس الجمهورية ولكن لصالح إتحاد مكون من قيادات الجيش والمخابرات، وليس لصالح الشعب بأى حال.
3ـ تبقى العلاقة مع إسرائيل على ما هى عليه وتستمر إتفاقية السلام ، مع تنازل إسرائيل لمصر عن قدر أكبر من حرية التعبير اللفظى والتحرك الإستعراضى الفارغ فى سياستها الخارجية. وربما تجرى تعديلات شكلية أخرى فى العلاقة غير المتكافئة " ناهيك عن كونها خائنة" بين النظام المصرى وإسرائيل.
4 ـ إطلاق حرية الكلام والضجيج والصراخ الفارغ فى الصحف والأحزاب ومجلس الشعب والسيطرة على كل ذلك بسلاح التمويل الذى تتولاه الجهات التالية : 
       ـ طبقة رجال الأعمال الذين سيواصلون نشاطهم المعتاد كرأس حربة لإسرائيل والولايات المتحدة فى التخريب الإقتصادى والسياسى والإجتماعى والثقافى والدينى فى مصر.
       ـ حكومات النفط العربى وأصحاب المليارات هناك . وهم يؤدون نفس وظائف رجال الأعمال المحليين مضافا إليها تمويل قطاع هام من النشاط والمؤسسات الدينية وشراء العاملين عليها والحفاظ على إجمالى التحرك الدينى فى أطار دوره التقليدى كأداة " تشريع" لإنحرافات النظام ومنع التمرد علية، ومقاومة التغيير بدعوى الحفاظ على "الإعتدال والوسطية" ، أو الدخول فى نشاطات التغيير لتخريبها من الداخل، كما يجرى الآن على يد جماعات دينية بارزة ، خلال المرحلة الإنتقالية.

     ـ سفارات وبعثات الولايات المتحدة وإسرائيل فى مصر، ومراكز إستخباراتهم العاملة بكثافة وحرية وتنسيق مع أجهزة الأمن (ومع قيادات الجيش ، خاصة فيما يتعلق بالتواجد العسكرى العلنى والسرى على أرض مصر، وعمليات التعاون العملياتى والإستخبارى المشترك) .
5 ـ يعاد هيكلة الأجهزة الأمنية بحيث يلائم نشاطها حالة "كثرة الكلام" التى سيحظى بها الشعب لتكون هى الجائزة الوحيدة له من إنتفاضته المباركة أو ثورته كما يحبون أن يصفوها. بينما تسيطر أجهزة الأمن تحت مظلة الجيش وتمويل رجال الأعمال المحليون ومعهم النفطيون العرب على إجمالى حركة المجتمع، وإبقائه داخل الإطار المعتاد منذ عهود الإنحطاط فى أزمنة السلام مع إسرائيل فى جمهورية السادات وجمهورية مبارك.
وسوف تحافظ تلك الأجهزة بكل تأكيد على تبعيتها الكاملة لنظيراتها الإسرائيلية والأمريكية.
6ـ فسح المجال داخل النظام لإستعاب عدة مئات من القادمين الجدد الذين تسلقوا حبال الثورة كى يأخذوا مكانهم فى صدارة وثنايا النظام "الجديد" ،السياسية والإقتصادية والثقافية والإعلامية، فيتجدد بهم شباب النظام ويكتسب مشروعية " ثورية "!!" إلى جانب مشروعيته التقليدية كعميل لإسرائيل والإمبريالية الأمريكية.
::::
المجلس العسكرى يقود البلاد بكل همة فى هذا الطريق . وهو بالفعل لا ينوى أن يحتفظ بالحكم لنفسه ولكنه يخدم بكل أمانة النظام الذى ينتمى إلية ، ويؤسس لمرحلة جديدة أكثر شبابا وحيوية لذلك النظام الذى تهالك وتصلبت شرايينه فى عهد مبارك .
ولكن ماذا تفعل القوى الحقيقية للثورة الآن ؟؟.

ـ قطاع مشهور من قوى تلك الثورة ، ولكنه بالتأكيد لايمثل قوتها الضاربة، بدأ ممارسة اللعبة الجديدة "بحماس ثورى" ، متملقا المجلس العسكرى . ومنهم من ينادى بإبقاء الإتفاقات السلام مع إسرائيل ، أى دوام ذات العلاقة المحرمة على حالها. وصل الأمر إلى أن اللواء قائد القوات المصرية فى حرب الخليج الثانية أن يرشح نفسه لإنتخابات رئاسة الجمهورية القادمة . بمعنى أنه قد يأتى لمصر /وفى إنتخابات حرة / رئيسا ليس خائنا فى السر مثل أسلافه، بل خائنا فى العلن، وشارك أسيادة فى قتل شعب عربى مسلم فى العراق وتدمير بلاده تحت قيادة الجنرال شوارتزكوف اليهودى الأمريكى.
وربما ظهر لاحقا من نفس الفصيل عدة جنرالات وسياسيين مرشحين للرئاسة.
ومع ذلك ما زال البعض يقول أن جيشنا وطنى على إطلاقة وأنه "مؤسسة!!" قوية ومتماسكة وحيدة فى بلادها وزمانها تحمى الوطن . نعم سيكون كذلك مستقبلا، ولكن تحت قيادات عسكرية شابة وطنية تعيد بناء الجيش من جديد قويا وطنيا كما ينبغى له أن يكون ، وليس تحت قيادة جنرالات محنطين من السماسرة وتجار الأسلحة وموردى قوات المرتزقة لدى الأمريكان و حماة أمن وحدود إسرائيل . أنها الوطنية المزيفة التى أثمرت ثورية مزيفة وثورة مجهضة مستباعة، وأبطالا مزيفون ، وقادة مزيفون، وعندها على الشعب أن يبكى مأساته وضحاياه ، دما وليس دموعا .
ـ نجح المجلس العسكرى فى رعاية برنامج تشتيت قوى الثورة والتفريق بينها وغواية البعض وإغراق البعض الآخر فى مهزلة الأحزاب التى لم تجد نفعا طول تاريخ مصر .
واستيراد ديموقراطية فشلت فى بلاد الغرب وأصبحت من نفاياته السامة التى يصدرها بعد أن إنتهت فترة صلاحيتها كى تدفن على ضفاف النيل وبلاد العرب.
 فلم تعد هناك ديموقراطية ليبرالية فى الغرب ومع هذا نجد من يجتهد فى إستيراد النفايات السياسية السامة كى "يسرطن" بها الحياة السياسية فى مصر. نعم يريد الشعب حرية حقيقية وكرامة حقيقية ولقمة خبز حلال تكفى الجميع وعدلا ومساواة لكل أبناء الوطن بكل أنتماءاتهم ودياناتم . ولكن بطريقة تناسب هذا الشعب وليس على طريقة الغرب الفاشستى والذى نبذ ديموقراطيته الكاذبة منذ زمن. وإلا لما استطاعت الأقلية الصهيونية أن تحكمم أمريكا بكل جبروتها. كيف يتم ذلك لو كانت الديموقراطية حقيقية ؟؟ . وكيف يتم غزو بلادنا وإغتصاب أوطاننا وقتل الملايين من أبنائنا لو كانت تلك الديموقراطية حقيية وتكفل العدالة والمساواة لكل البشر. يجب أن تستفيق ثوارنا قبل أن يقذفوا بالشعب فى هاوية جديدة لا خلاص منها.
ـ نجح المجلس العسكرى فى وتجريم قوى حيوية وأصحاب مصالح أساسبة فى عملية التغيير، مثل عمال مصر وفلاحيها. وحشد مفتى الحكومة وقوى من " شباب" الثورة" لتجريم مطالب هؤلاء ووصمها بالفئوية وحرمها شرعا . بينما برنامج الثورة يخلو تماما من أى ذكر لإعادة هيكلة الإقتصاد الذى دمره النظام السابق لصالح إسرائيل ولصالح رجال الأعمال المحليين والمستثمرين الأجانب الذين هم فى الحقيقة مجموعات من الأفاقين الدوليين الذين شاركوا المافيات المالية والسياسية والأمنية فى مصر من عمليات نهب المال العام وثروات الأمة المصرية .عمال مصر وفلاحيها هم عنوان لتلك المأساة السياسية الإقتصادية وضحاياها المباشرون. فهم ليسوا مجرد (فئات!!) تطالب "بفرعيات" تشتت المجهود الوطنى والثورى الذى بدأ ينحرف بالفعل ، بل هم أصل القضية الوطنية المصرية ، وقاعدة الإقتصاد المصرى الذى دمره النظام عمدا فوقع أغلبية الشعب وقواه العاملة المنتجة ضحايا لكبار الناهبين العالميين كأيدى عاملة رخيصة وغير محمية ومهددة بجهاز أمن الدولة التى يمنعها حتى من الصراخ ، فصادر واحتل نقاباتهم التى تنطق نيابة عنهم ، ووضع فيها جواسيسه ومخبريه .
فالتطهير على يد المجلس العسكرى تحول إلى عملية تشذيب لفروع شجرة خبيثة وقص بعض فروعها الناشذة لتصبح شجرة الخطيئة أجمل منظرا وأكثر قبولا ، وتكتسب مشروعية ومصداقية ثورية .
ـ الإصلاح إنحصر / حتى الآن وبالكاد وبالتقسيط البطئ والممل / فى جانب السرقات المالية ولم يصل إلى جذور المشكلة وهى الخيانة العظمى التى تورط فيها النظام بالكامل من رأسة متمثلا فى رئيس الجمهورية وصولا إلى قادة وأذرع النظام : الأمنية والعسكرية ورجال الأعمال ناهبى المال العام وشركاء المال الصهيونى وسماسرته ، وصولا إلى قيادات إعلامية وثقافية ودينية دافعت وروجت لكل ذلك.
خيانة عظمى مكتملة الأركان ينبغى أعتقال كل المتورطين فيها بشكل سريع وفورى ومحاكمتهم أمام محاكم عادلة ولكنها سريعة وأحكامها ناجزة .
إن قضية الثورة ومصالح الشعب تتمثل فى الخلاص من أقطاب الخيانة العظمى ومحاكمتهم.    وأى إجراء قبل ذلك من تعديل دستورى وتشكيل أحزاب وصحف وإنتخابات نيابية أو رئاسية أو محاكمات عن الفساد وسرقة المال العام والقتل ، حتى لو طالت أعمدة النظام بما فيهم مبارك وعائلته وأركان حكمه المقربين ، هى سيرعلى طريق إسرائيلى أمريكى لخداع الشعب وحرف مسار ثورته نحو صورة منقحة من النظام السابق لة نفس المكونات ولكنه أكثر شبابا وحيوية وخداعا . مكتسيا بمساحيق ثورية إنتهازية لمشاركين فى خيانة شعبهم .
أنه نفس الأسلوب الأمريكى فى محاكمة صدام على تهمة جنائية ومن ثم إعدامة ، وذلك تفاديا لمحاكمته على القضايا الكبرى التى دعمه فيها الأمريكيون وكانوا سنده الرئيسى فيها مثل تزويد بأسلحة الدمار الشامل التى ضرب بها شعبه ، وغزو الكويت وإحتلاله والحرب على إيران، بل وحتى وصوله إلى الحكم فى إنقلاب عسكرى.
إن محاكمة مبارك وأركان نظامة بتهمة الخيانة العظمى ستكشف حجم الدور الأمريكى والإسرائيلى فى تخريب الحياة المصرية حاضرا ومستقبلا وبشكل منهجى كان أداتهم فيه هو النظام بكل سماته من فساد وطغيان وإرهاب دولة . ولابد أن ينكشف الدور الأمريكى الإسرائيل فى تولية السادات ثم مبارك حكم مصر ودعمهما فى حكم ذلك البلد بالشكل الذى عانت منه البلاد لأكثر من أربعين عاما.

ـ ولكن الثورة "!!" فى مصر فوضت النظام أن يحاكم ويطهر نفسه بنفسه، بواسطة أهم مكوناته وهم كبار الجنرالات أعضاء المجلس العسكرى.
 وتلك من غرائب عهد الثورات العربية الحالية ، لا يضاهيها إلا توكيل ثوار ليبيا لجنرال ووزير داخلية سابق فى النظام ، لقيادة قوات الثورة "!!" . ثم إسغاثة قيادتهم السياسية بأمريكا والناتو كى ينقذوا الشعب من مجازر النظام "!!". فلماذا كانت تلك الثورة إذن؟؟. هل كانت لمجرد تغيير "موديل" الطغيان من محلى إلى مستورد ؟؟ . وهل أصبح لدينا نمطا جديدا من الثوار يقود ثورته ومعها الثورة المضادة فى نفس الوقت وبنفس الأشخاص والقيادات؟؟.
تلك أسئلة ومخاطر جدية، ينبغى بحثها بدقة وإيجاد الحلول لها قبل خراب مالطة .

بقلم  :
مصطفي حامد (ابو الوليد المصري) 18-4-2011
المصدر  :
مافا السياسي (ادب المطاريد)
...............................

الحلقة الخامسة

إستخدام سلاح الوقت فى الثورات ـ الجزء الثاني

إن السعى لكسب الوقت ليس من أجل إضاعته، لأنه هنا سلعة غالية جدا ثمنها كان دماء وأرواح فإذا أضاع الثوار الوقت المكتسب فإن مصيرهم الفشل أى الهلاك.
للوقت نفس القيمة فى حالة الثورة الشعبية. يحتاج الثوار إليه حتى يختنق النظام فى أزماته الأمنية والإقتصادية، وتتبخر قيمته السياسية لدى سادته فى الخارج. ويودى التآكل السريع بهيبتة، ويفر كبار الرأسماليين برؤوس أموالهم إلى الخارج. والدائنين الخارجيين والبنوك الدولية تصبح قلقة على أموالها ، والجيش متذمر وتبحث قياداته العليا، مع السفارات الأجنبية، مشروع إنقلاب عسكرى يقطع الطريق على ثورة تنشد التغيير الجذرى وليس الإصلاح الشكلى الذى يبقى جذور المشاكل على حالها.
 الوقت ينخر بسرعة كبيرة فى قوائم النظام، ولكن بشرط أن تتولى القيادة الشعبية، زمام الأمور بكفاءة وإقتدار، وتستثمر عنصر الوقت على أفضل وقت لتقوية الثورة ومحاصرة النظام وشل فعالياته.

تعليق :
 الإنتفاضات فى تونس ومصر وليبيا / ولأسباب مختلفة فى كل حالة / أضاعت وقتا ثمينا للغاية أتاح للأنظمة إستعادة جزء كبير من إتزانها . وانتهت أمريكا ومعها إسرائيل من إختيار المسار الجديد لتلك الأنظمة مع التعديلات المطلوبة كى تنطلق فى ثوب جديد وبنفس الأهداف القديمة التى تتمحور حول سيادة إسرائيل على المنطقة وحماية أمريكا لذلك الوضع كله مع ضمان النفط حقا خالصا لشركاتها العملاقة.
فى تونس فهمت قيادات المعارضة اللعبة الجديدة بسرعة وتمارسها الآن بهدؤ وحنكة.
فى ليبيا يبحث الثوارعن مستقبلهم مع أمريكا والناتو .
وفى مصر تنهمك قيادات الثورة ، التى هى كثيرة جدا وغير محددة وتشمل حتى رموزا فى "العهد القديم" ، فى البحث مع المجلس العسكرى فى خريطة توزيع غنائم الثورة فى "العهد الجديد" الذى من المفترض أن يكون ذو قاعدة فساد أوسع ، وتوزيع أكثر عدلا للسرقات ، وتقاسم ديموقراطى لإستغلال النفوذ .
مازالت هناك فرصة /ولو صغيرة ومتناقصة يوميا/ فى أن يتحرك الشعب وبقيادة المخلصين من أبنائه ، ويستفيد من الوقت فى تحديد مسار الثورة الحقيقة مستفيدا من تجربة ( الثورة الناقصة) التى تلفظ أنفاسها أمام أنظاره الآن . والحكمة القديمة تقول أنه لا ثورة بلا قيادة ثورية . وقد ظهر أن إختفاء القيادة لم يكن ميزة مستدامة ، وسريعا ظهر أنه عيب وقصور شنيع أضاع الثورة وأفقدها الإتجاه والتوجيه الصحيح .
...............................

   التحدى الأكبر أمام القيادة هو إبقاء معنويات الشعب عالية، وأن يصمد الناس لبطش الشرطة فى الشوارع رغم سقوط الشهداء والمعتقلين والتعذبب الوحشى.
 وتمنع ، بل وتحبط أى محاولة لإثارة الفوضى العامة مثل السرقات وإشعال الحرائق أو الإغتيالات. ذلك لأن النظام هو صاحب المصلحة فى تلك الأعمال، لتنفير الناس من طريق الثورة، التى سيتهمها بالفوضى والتخريب والإضرار يمصالح الشعب، محاولا عرض نفسه على أنه الأمل والمنقذ من الفوضى.

تعليق :
من المدهش أن جميع الثورات العربية إستطاعت الحفاظ على طابعها السلمى ولم تنجر إلى محاولات النظام لتشويه صورتها بجعلها تبدأ بالعنف وتتمادى فية. بدأ النجاح فى تونس ثم فى مصر ثم فى ليبيا إلى أن لجأ القذافى إلى إستخدام القوة المسلحة ضد الشعب فلم يكن هناك بد من التحول إلى صيغة الثورة المسلحة فى ظل عدم وجود قيادة لثورة الشعب. أما اليمن فهناك حتى هذه اللحظة تحافظ الثورة على سلميتها وإتزانها بشكل عجيب رغم قدرتها على خوض ثورة مسلحة ستكون على حساب وحدة اليمن. وفى البحرين كذلك مضت الثورة الشعبية فى سلميتها إلى أن تم إستنجاد الملك بالقوات السعودية والإماراتية ( لاشك أن الإيعاز كان أمريكيا للحفاظ على أمن البحرين كقاعدة للأسطول الأمريكى الخامس) فتحولت الثورة إلى مجزرة من طرف واحد، وراح الشعب ضحية درع الجزيرة وسيف عنصريتها.
...............................

قوات الأمن:
   
على قيادة الإنتفاضة إبقاء الشعب فى الشوارع وتعطيل النشاط الحكومى إلا مايتعلق بشكل مباشر مع مصالح الناس مثل المستشفيات والمخابز ووسائل المواصلات، بل والمساعدة فى تشغيلها أو حتى إدارتها بشكل مباشر.
 ـ   يحظر بشكل مطلق على المتظاهرين إستخدام أسلحة نارية أو سلاح أبيض.
مجابهة الشرطة تكون بإقامة المتاريس على نطاق واسع فى المدينة . وكلما إنتشر نشاط الثوار أفقيا فى المدينة، نشر النظام قوات الأمن على مساحة أكبر لتغطى جميع الأماكن المضطربة، فتصبح ضعيفة فى كل مكان. وإذا إنتشر العصيان المدنى فى معظم المدن تشتت قوة القمع وتبعثرت وفقدت فعاليتها. لأن فعالية أى قوة عسكرية تكمن فى تركيزها.
عرقلة قدرة هذه القوات فى الحركة داخل العاصمة، أوالمدينة، يزيد من ضعفها. وكذلك عرقلة تحركها على الطرقات الرئيسية للدولة.
التصدى لقوات القمع هو أول تحدى يواجه الثوار. وهى قوات متعودة على البطش المبالغ فيه بلا ممانعة من الضحية، كونها تعمل فى أوساط مدنية عاجزة عن الدفاع عن نفسها. أما وقد خرج الناس إلى الشوارع وهم مصممون على التصدى والإنتصار، فإن تلك القوات تفقد معنوياتها بسرعة وتكتشف فى نفسها ذلك الخوار المهين وضعفها الداخلى.
 وذلك شأن كل طاغية باطش ، يخفى بوحشيته الظاهرة خواء وضعفا عجيبين تتجلى وقت إحتدام المعاراك الحقيقية مع جنود الحق ولو كانوا ظاهريا ضعفاء، إلا أن قواهم الدخلية الساحقة تتجلى لأعين أعدائهم فى ميدان المعركة، فيموتون رعبا حتى قبل أن يطالهم سلاح المظاليم.

تعليق :
 تصرف الثوار العرب بشكل جيد فى مختلف تجاربهم عند مجابهة قوات الأمن. كان نجاح ثوار تونس موحيا ومشجعا للغاية فلم يلبت أن لحق بهم شعب مصر وأبدع أيما إبداع فى تنظيم مواجهات رائعة ضد أقوى جيش للأمن الداخلى فى المنطقة وربما العالم حيث أن تعداده يساوى أو يزيد عن تعداد الجيش الأمريكى ( جهاز الأمن حوالى 2 مليون شخص ، يضاف إليهم نصف مليون بلطجى تحت تصرف وزارة الداخلية وجهاز أمن الدولة من إجمالى أربعة ملايين بلطجى معظمهم قابل للإيجار عندما تستدعى الحاجة )  
وكانت القيادات الموضعية ، أى التى فى نطاق كل مدينة،تتصرف بشجاعة وذكاء غير عادى. حتى صارت ملاحم ميدن التحرير فى القاهرة تستحق أن تدرس فى أكاديميات فنون الثورة والثورة المضادة .
      ومعلوم أن أقوى أسلحة الثوار هى :
 قدرتهم على الحشدالكثيف فى المدن الهامة فى التوقيت الملائم.
المعرفة التامة بمسالك المدينة وخريطتها السكانية.
العزيمة والإصرار وإتقان فن الإشتباك مع قوى الأمن والبلطجية فيما دون مستوى إستخدام أى نوع من أنواع السلاح .
وجود قيادة عليا تدير المواجهة مع النظام . ( وهو أهم عناصر النجاح، وللأسف فقد كان ذلك العنصر غائبا عن جميع الثورات العربية ).
إمتلاك نظام إتصالات داخلى وجهاز إعلامى خاص بالثورة .
( الفضائيات قامت بدور كبير مساعد لتلك الثورات وهو دور أثار جدلا وشبهة وجود تأثير خارجى مباشر أو غير مباشر ، أوصله البعض إلى درجة المؤامرة . وذلك موضوع معقد قيل فيه الكثير ولم تتبلور إزاءه آراء راجحة حتى الآن . ولكن بلا شك أن عددا من القنوات الفضائية مارس نوعا من توجيه الأحداث وإعطاء صبغة فكرية وسياسية معينة ، مع تهميش قوى فاعلة فى الثورة غيبت عمدا عن الشاشات ) .

أمن الإنتفاضة.. والأسرى:
 ـ  تولى قيادة الإنتفاضة موضوع الأمن أهمية خاصة. وتبدأ على الفور بتكوين جهاز أمنى خاص للإنتفاضة. وكل مدينة تبدأ بها الإنتفاضة تكون قيادتها جهاز أمنها الخاص. مع الوقت تترابط تلك الأجهزة ويتكون منها جهاز أمن وطنى، يتولى أدارة أمن البلد بعد تسلم زمام السلطة.
أثناء الصدامات المتكررة يسقط قتلى وجرحى من جماهير الشعب المعتصمة فى الشوارع، وهذا شئ طبيعى. ولكن يسقط جرحى من رجال الشرطة، ويقع أسرى. فإذا كان الأسرى من الجنود، يبقون لفترة قصيرة مع الثاثرين ويعاملون معاملة أخوية كريمة ثم يطلق سراحهم ومعهم بعض الهدايا إذا أمكن .
أما إذا كانوا من ضباط الأمن فيجرى التحفظ عليهم ومعاملتهم معاملة حسنة إلى أن يتم التحرى عن سلوكياتهم أثناء المظاهرات، ثم يحالون إلى محاكم الثورة الميدانية. فإذا كان سلوكهم غير عدوانى بشكل إستثنائى، فيطلق سراحهم. وإن كانوا من ذوى السلوك العدوانى، فيتم إحتجازهم كأسرى حرب إلى مابعد سقوط النظام ثم يقدمون إلى المحاكمات.
 رجال الخدمة السرية وباقى جواسيس النظام الذين يقعون فى الأسر يحتجزون لمحاكمتهم بعد سقوط النظام. ويحظر حظرا باتا أى ممارسات سيئة تجاه الأسرى. بل يعاملون أفضل معاملة إلى أن يبت القضاء فى أمرهم. وذلك هو الفرق بين نظام قادم لتحقيق العادلة ونظام قائم على الظلم والبطش.
الجرحى من أسرى النظام تقدم لهم أفضل عناية طبية ممكنة. والأسلحة التى تؤخذ من الأسرى يزود بها جهاز أمن الإنتفاضة.
للقيادة العامة أن تضع قوانين التعامل المناسبة لهذه الحالات، وربما جرت عمليات تبادل للأسرى مع النظام قبل إنتهاء المواجهات.

تعليق :

نظم الثوار فى مصر مجموعات أمنية لحراسة المظاهرات فى ميدان التحرير خصوصا وللدفاع عن المدنيين ضد هجمات بلطجية النظام عند إختفاء جهاز الشرطة عن كل مصر لأسباب متعمدة ، أو بسبب الصدمة التى أحدثتها الجماهير فى معنويات قوات الأمن بصمودها وبسالتها.
وقد وقع أسرى بالفعل وأسلحة فى أيدى الثوار لكنها فى الغالب كانت تعاد إلى الجيش ، حيث لم يكن فى حسبان أحد من المحركين أن تصل الأمور إلى درجة العصيان المدنى الشامل أو الإمساك بالسلطة . وكان فى الخلفية الفكرية لثوار مصر وتونس تفويض الأمر إلى الجيش فى النهاية .
تلك المجموعات الأمنية التى تحرس الثورة والشعب تتحول لاحقا إلى جهاز جديد للأمن الداخلى والإستخبارت ، وأيضا قوات عسكرية للعمل على الخطوط الخلفية للجيش.
أما أدوات النظام فلا يجب أبقائها أو أعادة تأهيلها كما كان يقال فى تلك الثورات العربية العجيبة . وبالكاد يجرى الإستفادة من الخبرات الفنية لبعض الخبراء فيها دون إعطائهم صلاحية القيادة . ولكن رأينا وزير داخلية النظام الليبى يتحول إلى قائد عسكرى للثوار بدون أن يقدم أحدا تفسيرا مقنعا لذلك التحول العجيب.


الجيش فى الشارع:
 إذا كان جنود الجيش غير محترفين ، وتربى الضباط على مبدأ حب الوطن والدفاع عنه ، وحتى لو كانوا طبقة مرفهة تأكل جيدا من خزينة الدولة . فإن تعامل الإنتفاضة الشعبية مع ذلك الجيش تكون أيسر منها فى أى حالة أخرى .
 وتكتيكات الثورة فى إيران مع الجيش كانت هى الأنسب على الإطلاق . إذ قرر قائد الثورة عدم التعرض للجيش أو مقاومته ، بل إظهار الترحيب به والهتاف له وإلقاء الزهور على قواته فى الشوارع ، حتى ولو أطلق الجيش النار وسقط الشهداء على أرض الشوارع . وأيضا عدم إخلاء المتظاهرين للشوارع وبقائهم فيها مهما حدث.
 هذا الأمر ليس من السهل تطبيقه عمليا لأنه يعنى تخطى عدة عقبات شائكة وخطيرة وتحتاج إلى سيطرة هائلة على الشارع ، وإنضباط شديد من مئات الألوف من المتظاهرين الغاضبين ، مع رفض لمغريات إستخدام العنف المضاد حتى لو توافرت وسائلة ، أى حتى لو توافر سلاح فى يد المتظاهرين.
وقد حدث كل ذلك ، وحافظ المتظاهرون على ثباتهم فى الشوارع مع سقوط الشهداء. فكانوا يعودون سريعا إلى الشوارع التى سادها الإضطراب ويخلون منها الجثث والجرحى . ويطوفون فى جنازات كبيرة حاشدة تثير المشاعر وتؤلب الناس على النظام فتتسع رقعة الثورة والعصيان المدنى .
ظهر عدد من قطع السلاح فى يد المتظاهرين ، وكان مصدرها جنود فروا من الخدمة ورفضوا الإستمرار فى مواجهة شعبهم بالدبابات فى الشوارع .
ولكن أحدا من الثائرين لم يستخدم السلاح إلا فى الأيام الأخيرة أو الساعات الأخيرة من الثورة حينما إستولى الثوار على مقار الشرطة والإستخبارات والمبانى الحكومية، وطاردوا رجال الخدمة السرية "السافاك" فى الشوارع وألقوا عليهم القبض وقدموهم لمحاكم الثورة .
إن إستخدام الثوار للقوة فى أى مرحلة، لابد أن يكون خاضعا لرؤية استراتيجية فى إطار مفاهيم الإنتفاضة، فلا ينبغى بأى حال السماح بإستخدام عشوائى للسلاح أو للعنف بأى صورة، مثل التخريب أو إشعال الحرائق أو عمليات الإغتيال . لأن ذلك يؤدى إلى أسوأ العواقب بالنسبة للتحرك الشعبى . حتى أن الحكومات الفاسدة تلجأ إلى تلك العمليات لإفتعال الظروف التى تؤدى إلى إجهاض الثورة .
(فى عام 1951 إفتعل النظام المصرى حريقا فى القاهرة إتخذه وسيلة لإعلان الأحكام العرفية والقضاء على حركة الفدائيين فى قناة السويس ضد القاعدة البريطانية هناك، ويقضى على ثورة شعبية لاحت علاماتها ) .

تعليق :

 عندنا الآن أمثلة تفوق الحصر على تعمد النظام إفتعال أحداث العنف والقتل وأعمال التخريب والحرائق ومهاجمة بيوت وأحياء كاملة وسيطرة بلطجية النظام عليها ونهبها والإعتداء على السكان. كل ذلك لتبرير أرتكاب مجازر وإستخدام أقصى درجات العنف من أجل إخماد الثورة بما فى ذلك إستخدام قوات الجيش . وقد وقف مبارك فى ذروة الأزمة كى يعرض الصفقه على الشعب قائلا أنهم أمام خيار بين الفوضى أوالإستقرار والأمن . وكرر ذلك القول زعماء آخرون فى قمة أزمتهم. وهو تهديد مبطن للشعب بأنه إذا إستمر فى ثورته فسوف يعاقبه النظام بفقدان الأمن بشكل متعمد من أجهزته السرية.

بقلم  :
مصطفي حامد (ابو الوليد المصري) 18-4-2011
المصدر  :
مافا السياسي (ادب المطاريد)
...............................

الحلقة السادسة

إنـضـبـاط وتـكـافـل

 إن السيطرة على الجماهير قضية محورية فى الثورة الشعبية . إخراج الجماهير إلى الشارع ـ وتحريكها فى الشارع ـ ضبط حركتها فى الشارع، حماية التحرك الجماهيرى من إختراقات النظام لحرف مسار الإنتفاضة نحو أعمال سلب ونهب أو عنف طائفى أو دينى ـ إبقاء الجماهير فى الشارع لمدة طويلة جدا أسابيع أو أشهر إلى أن تتحقق أهداف الإنتفاضة ـ إبقاء الناس فى الشوارع حتى مع إطلاق النظام النار عليهم وسقوط الشهداء ـ ضبط المشاعر وعدم الإنجرار إلى العنف فى مواجهة الجيش إذا نزل إلى الشوارع ـ مساعدة الجرحى وتنظيم عمليات إمداد المتظاهرين بالطعام والماء والخدمات الضرورية بواسطة نظام من التكافل الشعبى الوطنى.
 فإطعام المتظاهرين فى الشوارع أثناء الثورة الإسلامية فى إيران كان يتم بواسطة المواطنين أنفسهم ، وكل بيت كان يساهم بقدر بسيط من الطعام ـ وكل شارع يضع محصول الطعام لديه على طاولة فى الطريق يأخذ منها المحتاج ما يريد .
أنظر الفرق بين هذه الحالة وبين الثورات "المخملية" التى أفتعلتها أمريكا بعد حرب العراق فى عدة دول مثل أوكرانيا وجورجيا ، حيث أن تمويل المظاهرات يتم من الخارج وملايين الدولارات أنفقت فى شراء الوجبات الجاهزة والخيام الحديثة، وقدمت لهم تغطية إعلامية لا مثيل لها ومساندة قانونية من المؤسسات الدولية وجماعات حقوق الانسان.



القائد ـ التنظيم ـ البرنامج
    
إن هذه السيطرة المحكمة على شارع يضج بالحركة والصراع ، وعلى إمتداد الوطن ، فى العاصمة والمدن الكبرى . كل ذلك يحتاج إلى ثلاث عناصر هامة :
1 ـ قائد موثوق ومطاع وذو علاقة تاريخية جيدة مع جماهير الشعب.
2 ـ تنظيم يربط ما بين القائد وجماهير الشعب. ينقل إليهم أوامر وتوجيهات القائد فيسمعها الجمهور من القائد مباشرة عبر الوسائل الممكنة. ويجرى تطبيقها فورا بمساعدة وإرشاد كوادر الثورة والقادة الميدانين فى الأحياء والمدن خارج العاصمة.
هذا التنظيم على درجة عالية من المرونة، ويجارى فى توسعة سرعة إنتشار الثورة وتزايد نزول الجماهير إلى الشوارع. ويمكنه إستقبال الكوادر الجديدة وتدريبهم والإستفادة منهم على الفور.
 هؤلاء الكوادر ممن فجروا الثورة أو الذين إنضموا إليها أثناء العمل، لديهم قدرات كبيرة ومنوعة، علمية وثقافية وفنية. وعلى أكتافهم يعاد بناء أجهزة الدولة فى مختلف التخصصات.
3 ـ البرنامج الذى يطرحه القائد على الشعب. له دور هائل فى تفجير الثورة وديمومتها ونجاحها. فالبرنامج فى هذه الحالات لايكون برنامج القائد أو الحزب، بل هو برنامج الأمة كلها.وما يتكلم به الناس سرا وعلنا، بل ويحلمون به فى نومهم.
ولا يمكن أن يضع مثل ذلك البرنامج إلا قائد حقيقى، نابع بالفعل من صفوف الشعب.
هو برنامج لا يعبر عن أى مجموعة صغيرة أيا كانت. بل هو تعبير عن شعب بكامله. يعبر عن آمال مستقبلية وآلام حالية فاقت الإحتمال. برنامج يجمع الأمة ولايبعثر قواها. ويشعر كل فرد وفئة وجماعة أنه واضع ذلك البرنامج.
إنه برنامج الأمة المنصهرة عناصرها لمقاومة ظلم فادح واقع عليها وأصبح من المستحيل الإستمرار فى تحمله.
فإذا كان فى البرنامج المطروح للثورة الشعبية مطلبا واحدا، أو بندا واحدا لايشارك فيه الجميع، فإن النتيجة هى تشقق الصفوف، وتسرب مؤامرات العدو خلالها، فينهار مشروع الثورة. ومعروف أن تكلفة الفشل فى مشروع ثورة أو حرب مسلحة هى أفدح من تكاليف الإنتصار.
نفس الخسائر الباهظة تقع إذا ضعفت القيادة وإنحرفت إلى طريق المساومات وأنصاف الحلول، أوالبحث عن مكاسب ضيقة للحزب أو الأشخاص. فما أن يسود الهدؤ وينصرف الناس إلى حياتهم المعتادة، ويسترد النظام أنفاسه، حتى يسترد كل ما قدمه من تنازلات. ويقوم بحملة بطش هائلة تطال كل القوى الفاعلة فى الشعب أو التى يمكن أن تشكل خطرا فى المستقبل ، حتى وإن لم تكن شاركت بالفعل فى أى شئ ضده . وتنتكس حركة الشعب لفترة طويلة تمتد عادة إلى عقود من الزمن.
    من أجل هذا تطرح قيادة الإنتفاضة مطالب جذرية وليست مطالب هامشية. المطلوب يجب أن يكون رأس النظام ، لأن الشعارات المطلبية يستطيع النظام تلبيتها مؤقتا، إلى أن تهدأ الأمور ويعود الناس إلى بيوتهم وعندها يبدأ الإنتقام البشع الذى لا يبقى أى شيئ .
فالثورة لا ترفع شعارات مطلبية مثل : غلاء الأسعار أو رفع الرواتب أو تخفيض الضرائب ، أو رسوم التعليم والخدمات الطبية وأجور السفر ... الخ
الثورة تطرح مطالب جذرية مثل:
 تغيير النظام الحاكم وإنسحاب قوات الإحتلال . وتحقيق العدالة الاجتماعية ـ والقضاء على الفساد ومحاكمة المفسدين من أركان النظام . والاستقلال السياسى والإقتصادى للبلاد ـ وإغلاق القواعد الأجنبية , وإلغاء الإتفاقات الجائرة والتى لا تحقق مصالح الشعب أو التى تعطى إمتيازات للمحتل أو الدول المعادية ـ بناء إقتصاد وطنى قوى ـ بناء نظام دفاعى مستقل وفعال ـ وقف التعاون العسكرى والأمنى والإقتصادى مع الدول المعادية ..
إعادة المركزية لقضية فلسطين ، وتحرير البلاد العربية المحتلة ، وإخلاء المنطقة من القواعد العسكرية الأجنبية ، توحيد المنطقة العربية إقتصاديا وقانونيا وسياسيا وعسكريا حتى يمكن مواجهة التحديات الخارجية المعادية والاجتياحات المتوالية على المنطقة . تحقيق الفصل بين سلطات الدولة ـ الإنتخاب الشعبى المباشر للمحافظين ومديرى الأمن فى المحافظات والمدن ، محاكمات علنية للمسئولين عن قضايا التعذيب والإنتهاكات والرشوة والفساد والتعاون مع الأعداء والتضليل المتعمد للشعب بتقديم معلومات كاذبة أو مغلوطة أو المشاركة مع الأجنبى فى الحرب النفسية على الشعب . تحقيق العدالة الإجتماعية والتنمية الاقتصادية الشاملة والمتوازنة والحقوق الشخصية والدينية الكاملة لجميع المواطنين ـ وقف الغزو الثقافى والفكرى القادم من الخارج. تقوية دور الدولة فى الإقتصاد الوطنى، وتبنى مصالح الفقراء وحمايتهم وتأمينهم.إصلاح جذرى لنظام التعليم، وتبنى فلسفة جديدة للأمن والدفاع ، وإعادة بناء تلك الأجهزة، بحيث تؤدى دورها الطبيعى فى حماية المجتمع، وليس أعداء المجتمع فى الداخل والخارج.
إغلاق البعثات التبشيرية مهما كان غطاؤها الخارجى ، وسواء كانت موجهة إلى المسلمين أو المسيحين من سكان البلاد . نشر العلم الدينى والثقافة والقيم الدينية بعيداً عن التعصب والشكليات والإستفزازات بين جميع الطوائف ، وإعادة الإعتبار لعلماء الدين وإستقلالهم العلمى والإقتصادى ـ وجعل الدين مستقلا تماما عن أجهزة الدولة وتدخلاتها. وتحريرالمعاهد و الجامعات الدينية من كل أشكال التدخل الحكومى. وإعادة الإعتبار للمساجد وتحريرها من سلطة الدولة وتطهيرها من جواسس الأمن. تحرير الأوقاف الإسلامية من سيطرة الدولة، وجعلها من الفعاليات الشعبية الحرة.
...............................

تعليق :

أول خطوات الحشد الصحيح للمرحلة الحقيقية من للثورة فى مصر ينبغى أن يكون تحديد برنامج جذى للثورة يقطع العلاقة مع " العهد القديم". من ملامح البرنامج القادم :

ـ المطالبة بإعتقال جميع رموز "العهد القديم" وتجميد أموالهم.
 ـ مبارك وعائلته وأركان حكمة وجميع الفاسدين الكبار بما فيهم رجال الأعمال ، يجب التحفظ على ممتلكاتهم، ومحاكمتهم جميعا بتهمة الخيانة العظمى والتآمر مع أعداء البلاد.
 ـ أن يعاد دور الدولة فى الإقتصاد خاصة فى الصناعة. وتتم حماية العمال والتوقف عن بيعهم للمستثمرين الأجانب كأدوات عمل رخيصة بلا حقوق. وأن يطلق سراحهم فى تشكيل نقابات قوية تنظم أمورهم وتدافع عن حقوقهم وترفع العقبات أمام مشاركتهم الفعالة فى الإنتاج وقضايا المجتمع .
 ـ إعتبار الزراعة فى صدارة موضوعات الأمن قومى ، وكذلك مياه النيل بكل مشاكلها من المنبع وحتى المصب . وإصلاح أحوال الفلاحين بإعتبارهم جزء أساسى من الأمن القومى لا يقل عن أهمية عن الحفاظ على مياه النيل، وضمان مشاركتهم الحقيقة والفعالة فى أمور المجتمع وإخراجهم من حالة الإستكانة والسلبية والعزلة عن الحياة السياسية .
ـ تمكين الجيش من ممارسة دوره الوطنى وإعادة بناءه من جديد لحماية جميع حدود الوطن خاصة مع إسرائيل . وعدم السماح بأى تمويل خارجى للجيش تحت إسم مساعدات عسكرية وإعتبار ذلك تهديدا للأمن القومى يرقى إلى مرتبة الخيانة العظمى، خاصة وأن الولايات المتحدة هى عماد قوة إسرائل التى تمثل الخطر الأساسى على مصر.
ـ إلغاء جميع الإتفاقات مع إسرائيل . وطرد سفيرها من مصر والمطالبة بمحاكمة الأمريكيين الذين شاركوا ميدانيا فى قتل المتظاهرين أيام ثورة يناير وكذلك جميع من وردوا الذخائر للنظام من أجل الفتك بالثوار، بما فيهم المسئولين الإسرائيليين والأمريكيين ، والمطالبة بتسليم هؤلاء المجرمين إلى مصر لمحاكمتهم.
ـ إعادة فحص جميع الإتفاقات بأنواعها التى عقدها النظام القديم ، وتعديل أو إلغاء ما يتعارض مع المصلحة الوطنية .
ـ تصفية جميع أشكال التواجد العسكرى والإستخبارى الأجنبى والسجون السرية الأمريكية من فوق أرض مصر.
ـ منع البنوك الأجنبية من العمل فى مصر.
ـ تغيير نظام التعليم بشكل جذرى .ومنع التعليم الأجنبى من العمل فى مصر إلا لأفراد الجاليات الأجنبية فقط.
ـ منع أى نشاط دينى فى مصر لغير المؤسسات الوطنية التاريخية ، إسلامية وقبطية.
   وإطلاق حرية الأزهر بشكل كامل وإستقلاله التام عن النظام الحاكم.
ـ تنظيم طرق وقنوات العمل الشعبى الحقيقى فى الحياة العامة جميعها،وإعادة النظر فى تجربة مصر المريرة والفاشلة مع الأحزاب ، والبحث عن بديل شعبى ومباشر ودائم ، وتثبيت حالة المحاسبة الجماهيرية فى الميادين العامة وتنظيم وسائلها وتقوية تأثيرها على النظام بحيث تكون مؤثرة وفعالة ومستقلة ،وتمكين تلك الحالة من وسائل أعلام أقوى واحدث مثل محطات الإذاعة والتلفزيون.
ـ منع أى تمويل خارجى لأى نشاط شعبى داخل مصر إلا بتفويض من المجالس النيابية.
ـ حصر نشاط رأس المال المحلى فى نشاطه الإقتصادى فقط ، وفرض عقوبات صارمة على تدخله فى العمل السياسى أو الإعلامى . أما مساعداته الإنسانية والخيرية فتكون عبر القنوات الرسمية فقط .

إنتهى

بقلم  :
مصطفي حامد (ابو الوليد المصري) 18-4-2011
المصدر  :
مافا السياسي (ادب المطاريد)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق