لئلا تنفذ
ذخيرته دون جدوى، فنزل السلم و انضم إلى خالد أمام منتصف المنصة....
**********************
**********************
الوقائع السرية لجلسات المحكمة العسكرية
القاهرة- كانت خيوط الفجر الأولى لم تصح بعد من
نومها....إلا أن شطراً منها كان يشهد حركة دائبة فبعد أن أنهت إحدى
الطائرات الهليكوبتر"الجازيل" مهمتها في مسح المنطقة الواقعة بين "السجن الحربي" و
"الجبل الأخضر" حيث يقع المبنى الذي تقرر أن تعقد فيه محكمة أمن الدولة العسكرية
العليا جلسات القضية رقم 7 لسنة1981 م أمن دولة عسكرية عليا المعروفة بقضية "اغتيال
السادات".....لم تكتف المخابرات الحربية بالقوات التي احتشدت على جانبي
الطريق بين السجن ومبنى المحكمة، فقررت إشراك الهيلكوبتر في عملية تأمين الموكب
الذي كان هو الآخر غارقاً لأذنيه في السلاح...وبعد أن تأكد قائد الطائرة من
خلو الطريق أعُطيت الإشارة للموكب ببدء التحرك، وخرج من بوابة السجن رتل من المصفحات تتهادى....كان ذلك صباح السبت 11/11/1981م أي بعد شهر ونصف من واقعة الاغتيال....كانت هذه الفترة مشحونة بتعذيب وحشي
,لم ينج منه أحد من هؤلاء الذين تحملهم المصفحات , وقد عصبت عيونهم , وقيدت أيديهم بقيد حديدي مربوط
,لم ينج منه أحد من هؤلاء الذين تحملهم المصفحات , وقد عصبت عيونهم , وقيدت أيديهم بقيد حديدي مربوط
بقضيب من الحديد في أرضية المصفحة التي حشر فيها أربعة , وبجوار كل واحد منهم جندي
للحراسة , بينما حشر بين كل مصفحتين مصحفة أخرى تعج بالجنود والسلاح , مثبت فوقها
مدفع رشاش خفيف , هذا بالإضافة إلى قوات المخابرات التي تستقل عربات البيجو الخاصة
, فضلاً عن القوات التي ازدحم بها الطرق المجاورة وأسطح المباني وقمم التلال
المحيطة .كانت المنطقة بأسرها تبدو وكأنها قد خضعت لاحتلال عسكري , فقد سدت جميع المنافذ المؤدية إليها , وأقيمت عليها نقاط تفتيش ...!!!وعبر أجهزة
اللاسلكي
المنتشرة في أيدي ضباط الحراسة كانت تبعث الأوامر والتعليمات للقوات الموجودة على الأرض أو المحمولة في السيارات أو المعلقة بين السماء و الأرض.وعندما وصل الموكب لمبنى المحكمة هبط الأخوة فرادى بعد أن نزع القيد
من أرضية العربة ، وتم تقييد كل واحد بجندي لتأمين عملية الوصول للأقفاص
...... والتي تمت هي الأخرى تحت حماية السلاح....وفي الأقفاص تم فك القيود عن
الأيدي ورفع العصابات من فوق الأعين.
****************
****************
التمثيلية..
قدمت النيابة العديد من أدلة الاتهام..أولها:...قائمة شهود الإثبات والتي شملت الكثير :منهم سائق العربة التي كان يستقلها " خالد " و إخوانه وطاقم الجنود، وبعض من حضر الواقعة ومن جملة شهود الإثبات جاء المقدم " ممدوح أبو جبل " ...ولـ " ممدوح أبو جبل " قصة ليست طريفة :كان " أبو جبل " قد زار
قدمت النيابة العديد من أدلة الاتهام..أولها:...قائمة شهود الإثبات والتي شملت الكثير :منهم سائق العربة التي كان يستقلها " خالد " و إخوانه وطاقم الجنود، وبعض من حضر الواقعة ومن جملة شهود الإثبات جاء المقدم " ممدوح أبو جبل " ...ولـ " ممدوح أبو جبل " قصة ليست طريفة :كان " أبو جبل " قد زار
القلعة { سجن تحقيقات مباحث أمن الدولة في فترة ما قبل التسعينات ، والآن
تحول إلى
متحف } نزيلاً لا سائحاً بعد الاغتيال بأيام قليلة ، ولعله رأى هناك عجائب الدنيا السبع ، و التقطته النيابة من تحت السياط لتحوله إلى " شاهد ملك " لتحبك التهمة حول
بقية المتهمين في مقابل أن يفلت برقيته.و غالب الظن أن " ممدوحاً " قد وافق
عل ذلك العرض هرباً من ألم السوط لا خوفاً من حكم المحكمة ، فلم يكن أحد وقت
التعذيب و التعليق _ وهي من أساليب التعذيب _ يفكر في محكمة أو حكم بالسجن أو غيره
الإعدام ،
بل كانت الشهادة وقتها أمنية الكثيرين للفرار من التعذيب و التنكيل،
أن " ممدوحاً " خسر كثيراً ، ولعله أحسَّ بحجم هذه الخسارة لحظة دخوله القاعة ليقف
موقف الشاهد.. بينما إخوانه في الأقفاص..لقد صنعت له المخابرات قصةً واهية
ليدعيها أمام المحكمة ليصير شاهداً لا شريكاً...وقد نفذ ما طُلب منه وقال
ما أرادوه...قال: إنه يتردد على مسجد الجمعية الشرعية ويقتنع بفهمها
وفكرها، و أنه تعرف على " محمد عبد السلام " كأخ مسلم ، وأن " محمداً "
أرسل له
" صالح جاهين " و "أنور عكاشة " وطلب منه إبرة ضرب النار لتنفيذ عملية رئيس البلاد ،و
أنه لم يوافق في قرارة نفسه ولكنه أعطاهم أربع إبر ضرب نار غير صالحه للاستعمال
ليضعوها في البنادق ، فإذا جاءت اللحظة الحاسمة لم تنطلق الرصاصات وبذلك ينجو رئيس
البلاد ولكنه فوجئ بالحادث يقع والرئيس يموت.....!!وعندما سألته المحكمة عن
سبب عدم تبليغة عن هؤلاء الأفراد وعن محاولة الاغتيال ؟
أجاب: إنه تردد هل يجب عليه شرعاً التبليغ عنهم أم يحرم..؟!!وأنه قرر عرض الأمر على شيخ عالم مثل
أجاب: إنه تردد هل يجب عليه شرعاً التبليغ عنهم أم يحرم..؟!!وأنه قرر عرض الأمر على شيخ عالم مثل
الشيخ " الشعراوي " ليستفتيه في مثل هذا الأمر..!!وعندما سُئل : لماذا لم
يمتنع عن إعطائهم الإبر بالكلية؟
قال: إنه خاف أن يحصلوا عليها من طريق آخر
قال: إنه خاف أن يحصلوا عليها من طريق آخر
، فأراد إفساد الخطة بإعطائهم الإبر الفاسدة...!!كان " ممدوح " كاذباً فيما
قاله ، فلقد كان على علم بالاغتيال ، وقد طلبت منه الإبر لا لتستخدم بل لتوضع في
العدد الذي سيسلمه " خالد " لقائدة ليتأكد من أن جميع السلاح قد نزعت منه
إبرة ضرب
النار...ومن ثمَّ لم تكن هناك أهمية لأن تكون الإبر صالحة أو غير صالحة
.. لأن البنادق كانت ستستخدم بإبر ضرب النار الأصلية الخاصة بها.و أغمضت المحكمة
عينيها عن التلفيق الواضح في القصة و أخذت بالشهادة..!!وعندما أنهى المقدم
" ممدوح " شهادته أدى التحية للواء " سمير فاضل " و أدار ظهره للمحكمة و مضى يجلس
في القاعة ، وعند مروره بجوار الأقفاص لم يجرؤ على رفع بصره ، وطلب " محمد عبد
السلام " من بقية إخوته عدم التحدث إليه...في جلسة الاستراحة ، وبعد صلاة
الظهر..التفت إليه " محمد " وسرت كلماته هادئة
تأخذ بتلابيبه
{ إن الله
{ إن الله
يقبل توبة العبد ما لم يغرغر } تحركت مشاعر كثيرة داخل نفس " ممدوح " ولعله بالطبع
دار في ذاكرته شريط ذكريات طويل....لعله ذكر اللحظات الأولى التي تعرف فيها على
الأخ " محمد عبد السلام " ....لعله تذكر فضل " محمد عبد السلام " وتعليمه
إياه...لعله تذكر ما كان يفضي به إلى " محمد " عن استعداه للتضحية في سبيل الله...لعله تذكر العذاب الذي لاقاه في القلعة...ولعله تذكر تلك
اللحظة التي ضعفت فيها نفسه فرجحت كفة الدنيا على الأخرة فاختار العاجلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق