ملف
محمد الحكايمة .. أبو جهاد
مذكرات مجاهد ... الشيخ محمد الحكايمة أبو جهاد المصري
مذكرات مجاهد (2)، باكستان وبلاد الحرمين
-------------------------------------------
القسم الثاني: ذكريات في بلاد الهجرة
1- في بلاد الحرمين و باكستان
وصلت الى مكة المكرمة وأديت العمرة وتعرفت على العديد من الاخوة هناك وكان على راسهم الاخ الشيخ مجدي سالم ( فك الله اسره) وحاولت ان التقي بشباب الجماعة المقيم في السعودية وبالفعل اصبحنا ارعة من أعضاء الجماعة في مكة اجتمعنا وقررنا انشاء فرع للجماعة في السعودية وعينا الاخ علي الشريف اميرا علينا وكنا نحن بمثابة مجلس الشورى له حوالنا في هذه الفترة ان نتعرف على بعض المحسنين لدعم الجماعة في مصر واستقبال ابناء الجماعة القدمين للعمرة او الحج وايجاد فرص عمل لهم في السعودية واستمر هذا الامر حتى التقيت احد الاخوة المصريين القدمين من باكستان
وسالته عن امكانية السفر و الاقامة هناك فاخبرني ان الامر ميسر وأطلعني على بعض الامور منها ان الشيخ عبد الله عزام (يرحمه الله) ينصح بان الاخ الذي ياتي للجهاد ومعه عائلته فلابد وان يدبر امر كفالتة الشهرية لان التبرعات لاتكادتكفي العمل العسكري وعليه فلابد من تدبير هذا الامر قبل السفر وكنت قد عرضت على احد اعضاء الجماعة في مكة المكرمة وكان يدرس في معهد الحديث وله علاقات واسعة هناك عرضت عليه الامر فاخذني ذات يوم الى الشيخ عبد الله نصيف الامين العام لرابطة العالم الاسلامي والذي رحب بي في مكتبه وبعد ان علم انني احمل شهادة البكارليوس في الخدمة الاجتماعية اعطاني خطاباً لمدير هيئة الاغاثة الاسلامية لايجاد وظيفة لي في مكتب الاغاثة في باكستان الجدير بالذكر هنا ان هذا الاخ الذي كان معي قام في نفس العام بتقديم أحد ابحاث الجماعة وكان بعنوان ( حكم قتال الطائفة الممتنعة عن شعيرة من شعائر الاسلام) كرسالة ماجستير قدمها الى هيئة كبار العلماء فأجازوها واخذ اخونا شهادة الماجستير ,المهم سافرا الى جدة حيث مكتب الاغاثة وحدد لي السكرتير موعدا مع المدير العام وعند مقابلتي له وعندما رأني قال ان شكلك يشبه جنسيات شرق اسيا ونحن نريد ان تكون مدير مكتبنا في الفلبين سنعطيك كورس في اللغة الانجليزية وتسافر الشهر المقبل , خرجت من مكتبه حزيناً لضياع فرصة السفر الى باكستان لكن الاخ الشيخ محمد الظواهري (شقيق الدكتور ايمن الظواهري) و الذي كان يعمل في القسم الهندسي في الاغاثة حل المشكلة حيث قام بالاتصال برئيس لجنة افغانستان في الاغاثة واخبرة بالموضوع فقام الرجل بكتابة طلب رسمي للمدير العام يطلبني فيه للعمل في لجنة افغانستان وتمت الموافقة وبعد اسبوعين تقريبا كانت الامور انتهت وبقيت مسألة الفيزا الباكستانية والتي هي المشكلة فقد اصدرت رئيسة الوزراء انذاك بناظير بوتو قرارا بعدم منح الفيزا لاي مواطن عربي الا ان يكون مقيماً او من بلده وحاولت عبر وسائط لاخذ الفيزا لكن الامر كان شبه مستحيل الا ان جاء موعد انعقاد مؤتمر جماعة التبليغ في لاهور وحلت مشكلة الفيزا ولله الحمد و المنه فسافرت الي باكستان وكانت اسرتي معي وترافقنا ام الاخ الشيخ محمد الاسلامبولي الذي كان في انتظارنا في المطار حيث اصطحبنا الى بيته في بيشاور , خلال اقامتي في باكستان اسست اللجنة الاعلامية و بعد صول الشيخ ابي طلال في عام 1991 اسسنا مجلة المرابطون ,
في عام 1992 استقبلنا الشيخ عمر عبد الرحمن في مطار بيشاور وهتفت له كما كنت اهتف يوم اعتقالنا في اسوان ( عمر ياعبد الرحمن ... يامزلزل عرش السلطان... بلغ عنا في كل مكان.... مصر حتحكم بالقرأن) وحينها لم اتوقع سمع ان يعرف الشيخ صوتي فقد مرت سبع سنوات على اخر لقاء لنا في اسوان وعندما انتهيت قال مازحاً ايه الدوشة دي يامحمد يا خليل؟ فقبلت راسه ويديه (فك الله اسره) , ثم جاء موعد الحج فسافرت مع الشيخ عمر لاداء فريضة الحج وهناك ادينا المناسك معاً, ثم عدت الى بيشاور و خلال الاعوام 1993 و1995 قمت باخراج ثلاث افلام وثائيقية احدهم بعنوان ( الاسلامبولي بطل المنصة) و الثاني ( الجماعة الاسلامية حركة ومنهاجا) والثالث ( التعذيب) ثم حدث اعتقالات في صفوف العرب المقيمين في بيشاور بعد ضغوط كبيرة مارستها الحكومة السعودية و المصرية على رئيس الوزراء نواز شريف الذي شكل قوة من الاستخبارات الحربية و امن الدولة و المباحث الجنائية لاعتقال اكبر عدد ممكن من العرب في بيشاور وبالفعل تم اعتقال اكثر من اربعين من الاخوة العرب كان أهمهم الاخ مصطفى حمزة ( ابو حازم) مسؤل الجناح العسكري في ذلك الوقت ففوجئت به يتصل من السجن بعد نصف ساعة من اعتقاله وقال لي ارجو ان تحضر لي اوراق من الاغاثة لانهم سألوني عن الاقامة فذهبت اليه في قسم الشرطة لمعرفة الامر بالتفصيل ولكن بعد ودخولي للقسم عرفت ان الامر أكبر من موضوع الاقامات وعندما رأني ابوحازم قال لي في فزع اخرج بسرعة قبل ما يعرفوك فخرجت بدون ان يشعر احد ولله الحمد و المنه , ثم تشاونت مع الشيخ محمد الاسلامبولي حول كيفية اخراج اخونا ابوحازم من السجن فكان امامنا خيارين الاول ان تدفع فدية له عبر وسطاء او نقتحم السجن بمجموعة مسلحة وقد استقر الامر على انحاول فدائه بالاموال اولاً وبالفعل عرضنا على بعض الجهات امثر من ثلاثة الاف دولار حتى يتم تهريبه لكن رئيس الوزراء كان قد سد الابواب امام هذه المحاولات لعلمه بحال اقسام الشرطة في بلده فشكل حراسة من ثلاثة جهات حكومية حتى لاتتواطأ على الرشوة وبعد اافشل هذا الخيار لم يكن امامنا الا اخراجه بالقوة لكن بعد نقل المعتقلين الى مكان مفتوح يسمح فيه بزيارتهم تكونت فكرة تقول انه يمكن اخراج ابوحازم اثناء الزيارة وادخال احد الشباب مكانه وبالفعل تبرع احد الشباب بدخول السجن بدلا من مسؤله ابوحازم الذي كان قد حكم عليه بالاعدام قبل اشهر قليلة تمت العملية بنجاح وارسلت الاستخبارات رسالة عبر وسطاء بضرورة اعادة ابوحازم والا ستكون مواجهة عسكرية فكنت الاجابة من الوسيط قبل ان يعرض الامر علينا فقال لرجل الاستهبارات بالحرف الواحد ( ان هؤلاء جاؤا هنا للشهادة فعبثاً تحاول الضغط عليهم) وفي ذات اليوم الذي هرب فيه ابو حازم نشر خبر في جريدة الشرق الاوسط مفادة ان مصر قد اتفقت مع الحكومة الباكستانية على تسلم عددا من المحتجزين لديها وعلى راسهم احد الشخصيات المطلوبة لدي السلطات المصرية يقصدون ابوحازم فحمدنا الله تعالى واعطيت لابي حازم جواز سفر عراقي كنت قد اشتريته للسفر من باكستان وسافر ابوحازم الى السودان في نفس الاسبوع , بعد ها بايام فوجئت بالشرطة تطرق الباب وعندما خرجت سألوا عن الاقامة واخرجت لهم الجواز الاصلي وكان فيه اقامة رسمية وبالرغم من ذلك قال لي الضابط اركب معنا وفي هذه اللحظة جاء الاخ الشيخ ابوحمزة المصري( المعتقل الان في بريطانيا والذي كان يحمل جوازانجليزي ) وكان يسكن فس نفس الشارع وتحدث مع الضابط بالانجليزية وخوفه بالله تعالى وقال له أنني اذا رحلت الى مصر فهناك سوف يعذبونني ومن الممكن يحكم علي بالاعدام فقال له الضابط ساتركه لكن لابد من ان يترك هذا البيت الان وبالفعل حملت حقائبي و سافرت الى لاهور وسجلت شركة استيراد وتصدير كغطاء رسمي لاقامتي فيها واستمر الحال حتى جاء القرار بالسفر الى اليمن فقد كان الاسلاميون من حزب الاصلاح في حالة جيدة تسمح لهم باستقبالنا خصوصا ان الكثير منهم كان على قد رجع من باكستان وله علاقات معنا.
البقية في الحلقة القادمة إنشاء الله...
----------------------------------------------مذكرات مجاهد (3) - من باكستان إلى بريطانيا
--------------------------------------------
الحلقة الثالثة
من باكستان حتى بريطانيا
وفي اليمن نزلت على الشيخ عبد الاخر حماد حيث كان قد سبقنا الى اليمن بعام تقريباً
و بعد صولي بشهرين جاءت الاخبار و بطريقة سرية انه قد تم الاتفاق بين الرئيس المصري والرئيس اليمني على استقبال وفد امني مصري للبحث عن المصريين الافغان بعد الكشف عن محاولة لاغتيال رئيس الوزراء المصري عاطف صدقي لان المسؤلين عنها من قيادات جماعة الجهاد كانوا متواجدين في اليمن و نصح الاخوة اليمنيون بضرورة انتقال كل الاخوة من بيوتها وحلق اللحى وعدم عقد اي تجمعات, وقمنا بالفعل بما نصحنا به الاخوة لكن بعد اسبوعين تقريبا جاءت الاخبار من نفس المصدر مرة اخرى وقال لنا لقد تم الغاء الاتفاق السابق مع الرئيس المصري لانه سمح بمرور سفينتين محملتين بالسلاح من قناة السويس الى اليمن الجنوبي بدون ان يعطي المصريون خبراً لليمنيين وكان اليمن الجنوبي يستعد وقتها لشن حرب على اليمن الشمالي, فرحنا بالخبر وبعد اسابيع قليلة نشبت الحرب بين اليمن الشمالي و الجنوبي وسقطت صواريخ سكود على العاصمة اليمنية صنعاء احدها كان باقرب من المنطقة التي اسكن فيها ودب الرعب في سكان العاصمة فانتقلوا الى أقاربهم في القرى ولم يبقى في العاصمة الا الغرباء... امثالنا,
ثم عرض في علينا الاخوة السودان السفر اليهم فرفضنا ,لقد كان عندنا أمل في المشاركة في القتال مع الاخوة في حزب الاصلاح بزعامة الشيخ عبد المجيد الزنداني ضد الشيوعيون في الجنوب طلبنا من بعض القيادات الشماح لنا بالمشاركة في القتال ووعدونا بالرد بعد ايام لكن سرعان ماانتهت الحرب وهزم الشيوعيون امام العمليات الاستشهادية التي قام بها اخواننا المجاهدين أفغان اليمن الذين استطاعوا بثلاث عمليات استشهادية ان يحطموا قلعة( العند )الاستراتيجية التي كان يقول عنها الرئيس علي سالم البيض وقتها( ان العند عنيد) والتي كانت العمود الفقري للنصر على الحزب الشيوعي في الجنوب.
فرحنا بالنصر مثل كل الاخوة اليمنيين لكن فرحتنا لم تتم حيث جاءت الاخبار ان هناك اتفاقية أمنية مصرية يمنية أُبرمت بين الطرفين بين البلدين حيث كانت مصر تسمح للفارين من زعماء الحزب الشيوعي بالاقامة في مصر وبناءً على هذة المعلومات تم التضييق على الاخوة من قبل رجال الامن اليمنيين فكان الواحد منا يستيقظ في الصباح ليجد ورقة ملصوقة على باب منزله كتب عليها (اخرج من البيت يا افغاني او يا ارهابي) بعدها انتقل الاخوة من العاصمة وسافر بعض الاخوة لطلب اللجوء الساسي في اوربا اما الذين بقوا فقد تعاقدوا مع وزارة التربية و التعليم لعمل كمدرسين وذلك بعد ان تقاسم حزب الاصلاح مقاعدالحكومة مع الحزب الحاكم وكانت وزارة التعليم من نصيب حزب الاصلاح .
عملت مدرساً للتربية الاسلامية في احد المدارس الثانوية وبعد انتهاء العام الدراسي قررت و بالتشاور مع الشيخ محمد الاسلامبولي السفر من اليمن البوسنة و الهرسك للعمل مع الاخوة هناك , وقام الشيخ محمد الاسلامبولي بالاتصال بالاخ الشيخ انور شعبان امير كتيبة المجاهدين العرب في البوسنة و الهرسك( رحمه الله) وكان الشيخ محمد الاسلامبولي يشغل وقتها رئيس مجلس شورى الجماعة وبعد عرض الامر على الشيخ انور رحب بالفكرة وابدى حاجته لمتخصص اعلامي وتم بالفعل ترتيب اجراءات السفر الى تركيا ثم الى كرواتيا لكن في مطار كرواتيا لم يسمحوا لي بالدخول بالرغم من انني احمل فيزا وعقد عمل وظللت انا واولادي في المطار لمدة اربعة ايام تم بعدها ترحيلنا الى تركيا وصدور حكم قضائي بعدم دخولي الى كرواتيا مرة اخرى وبعد وصولي الى تركيا سافرت في نفس الليلة الى سورياحيث كان معي تذاكر سفر اخرى كان قد قدمها لي احد الاخوة العاملين في احدى الهيئات الاغاثية لانه كان من المفترض ان يقوم الامن التركي بترحيلي الى مصر طبقا للقانون وفي المطار دمشق شك ضابط في جواز سفري لانه كان به العديد من التغييرات في البيانات كانت واضحة في الجواز ورفض ان يعطيني (ختماً بالدخول) وقال لابد من عرض الامر على مدير المطار واثناء ذهبنا الى مكتب المدير اخرجت خمسين دولارا ووضعتها في جيب الضابط وعلى الفور ألغي فكرة مدير المطار ثم قام بختم الجواز وسمح لنا بالدخول ,مكثت في سوريا اربعة اشهر وبعد تشاور مع الشيخ محمد الاسلامبولي و الاخ ابو بكر عقيدة( رحمه الله ) سافرت الى ازربيجان للعمل في احدي الهيئات الاغاثية التي كانت تعمل في مجال اغاثة اللاجئين المسلمين النازحين من اقليم (نجلوا كرباخ) وهناك استقبلني الاخ الشيخ ابوبكر عقيدة ( منتصر الشنتلي) الذي كان من قيادات الجهاد في في الشيشان, عرفني ابوبكر بالاخ مدير الاغاثة وعملت هناك ستة اشهر مديرا لمكتب الايتام حاولت خلال هذه الفترة الدخول الى الشيشان فلم اسطع ثم اتخذت قرارا بالسفر الى المانيا لطلب اللجوء السياسي وذلك بعد اكتشافنا لاحد الجاسوسيس يعمل مديرا اداريا في مكتب الاغاثة الذي كنت أعمل فيه وكان هذا الجاسوس يعمل مع الاستخبارات الازريبيجانية وكان يتردد على السفارة المصرية هناك و المشكلة انه كان يعرف انني كنت في افعانستان واحاول السفر الى الشيشان وبحكم عمله كمدير اداري كان يعرف اسمي الذي في جواز السفر , فقررت السفر الي المانيا لطلب اللجوء السياسي وقمت باقتراض مبلغ من الاغاثة حتى اتمكن من حجز التذاكر لي ولاسرتي وقمت بالحجز على الخطوط الايرانية باعتبارها ارخص الخطوط فسافرنا الى طهران على ان نتجه الى المانيا بعداربعة وعشرين ساعة من التراتزيت لكن عند سفرنا في اليوم التالي لم يسمح لنا بصعود الطائرة لاننا لانملك فييزا ترانزيت لالمانيا وطلبوا منا التوجه الى السفارة الالمانية في طهران لاخد التاشيرة وذهبت بالفعل للسفارة لمانية والتي رفضت اعطائي التأشيرة
فقمت بالاتصال ببعض الاخوة الفلسطنيين في سوريا وهم قاموا بتعريفي باحد الاخوة الفلسطينيين المقيمين في طهران وكان يعمل في اذاعة صوت فلسطين وتوثقت العلاقة بيننا وثم عرض علي العمل في الاذاعة كرئيس لتحرير الاخبار العربية , عملت في الاذاعة لمدة عام تقريباً وخلال هذا العام التقيت بالاخ الشيخ مصطفى حمزة ( ابوحازم) قادما من باكستان والشيخ محمد الاسلامبولي قادما من اليمن و الشيخ رفاعي طه قادماً من السودان حاول والثلاثة كانوا أعضاءً في مجلس شورى الجماعة في الخارج و كانت القيادة التاريخية انذاك قد أصدرت بيان بوقف العمليات , فعقد الاخوة في مجلس الشورى اكثر من عشر جلسات لمناقشة هذا الامر الاستراتيجي وللاجابة على عدة اسئلة منها ,لماذا جاء بيان وقف العمليات؟ وهل الامر مجرد تكتيك من القيادات التاريخية؟ وهل اتخاذ القرار بارادة الجميع؟ وهل سيكتفي النظام بهذا البيان ؟ودعاني الاخوة لحضور هذه المناقشات معهم والادلاء برأيي فيها ومن على بعد حاول الاخوة تحليل نفسيات بعض القيادات التاريخية التي اتخذت القرار والذي اتضح لي خلال هذه المناقشات انه يوجد تباين كبير في كثير من الامور الهامة في أذهان اعضاء مجلس الشورى في الخارج ,قام أحد الاخوة بتدوين ماقيل في المناقشات كلها فاصبحت كتاباً هاماً لكل من اراد معرفة ملابسات ,و تمخضت هذه المناقشات بقرار مفاده وجوب اعلان موقف للمجلس في الخارج يقضي بالموافقة على قرار وقف العمليات وصدر البيان في مارس 1999 وكان الامر محدداً بوقف العمليات فقط ولا يخص ابحاث سلسلة تصحيح المفاهيم التي لم يكن قد ظهر منها شيئ ولا الحوارات التي اجراها مكرم محمد احمد في مجلة المصور,بعدها بأشهر عقد محلس الشورى عدة جلسات لاتخاذقرار بصدد مستقبل الجماعة في الخارج ودورنا نحن فيه ودعاني الاخوة لحضور الجلسات وبعد العديد من المناقشات دامت اسابيع صدر القرار بضرورة الاستفادة من الاخوة في أوربا نظرا لان الجماعة أصبحت جماعة سلمية وليس هناك من داعي للهروب و الاختفاء وضرورة الاستفادة من الحريات الموجودة هناك في المجال الاعلامي و الدعوي و الاقتصادي وفي هذا الوقت كانت الجماعة تعيش أزمة اقتصادية كبيرة ,فقرر الاخوة في المجلس ان اسافر الى بريطانيا لتفعيل دور الجماعة هناك وحل المشاكل بين أعضائها ونقل التصور الجديد للقيادة من ثم ترتيب الامر للا خرين .
البقية في الحلقة الرابعة و الاخيرة باذن الله تعالى
---------------------------------------------مذكرات مجاهد (4) - مجاهد في بني الأصفر
--------------------------------------------
مجاهد في بلاد بني الاصفر
من خلف الدموع التي تدور في الأجفان كان ينظر إلى الأمام يبحث عن فضاء واسع كي يمتد فيه البصر إلى أقصى مدى … للأسف لم يجد … فكلما اتجه ببصره إلى مكان انقلب إليه بصره وهو حسير … يرجع بصره الكرة تلو الكرة ولكن دون جدوى … فالمكان محاط بسجن كبير من العمارات الشاهقة … والأبنية المتراصة …
إنهم يطلقون عليها الحضارة …
مسكين .. ظن نفسه هناك … فأراد أن يطلق لبصره العنان...
أدرك المجاهد أن الأسوار تحيط به من كل مكان كإحاطة السوار بالمعصم … الشوارع مكتظة بالأنعام وهي تسير في كل اتجاه على غير هدى … مستسلمة للشيطان تماما …
مسكين … إنه يرى ماعدا الوجه والكفين عورة فلا يجوز للمرأة أن تكشف غيرهما…
جال ببصره إلى السماء ، وجال به في الأرض … فأرتد إليه وهو حسير …
الأنعام هنا وهناك … الضحكات تتعالى من كل مكان … صخب وضجيج وأصوات …
الأنعام تصبح على نباح ( البوب ميوزك ) وتمسي على نهيق ( الروك ) …
الدخان يرتفع من كل جهة … من الأفواه … من السيارات … من القطارات … ومن الحياة المحترقة … الرائحة النتنة تتصاعد … تزكم الأنوف … إنها رائحة الجنس … إنها رائحة أهل جهنم …
لا فارق هنا … المرأة رجل … والرجل امرأة … والأنثى ذكر … والذكر أنثى … الزوجة أم … واللازوجة أم … والزوج أب … والأعزب أب …!!
مسكين هذا المجاهد إنه في بلاد الكفار …
مسكين ... إنه سجين همومه وضيق صدره …
مجاهد سجين الحضارة …
جلس يوماً يحتسي الشاي … مقهى جميل وجذاب … محترم نوعا ما .. لا يكثر فيه العهر … وكذلك ( مايكل جاكسون ) أخف ضررا من ( مادونا ) … والكاسيات العاريات … أقل فتنة من العاريات العاريات …
قرر المجاهد دفع ثمن الشاي … فهو لا يجرؤ أن يمشي بدون المال . فوضع يده في جيبه فأخرج المال … ووجد كتابا … نظر إلى الكتاب فعرف أنه المصحف …
مسكين ... إنه يعاني من النسيان …
فتح المجاهد القرآن فقرأ فيه ( إهداء من أبي هانىإلى أبي ...) …
بكى أبو... وسال الدمع من عينيه كالماء المنهمر … لقد كان صديقاً من قريته ...من مسجده الذي تعلم فيه القران… قد كانا متحابين في الله … لكن الله اصطفاه بجواره …
مسكين ... أزداد حزنه واشتد بكاؤه … رأى أثار الدماء مطبوعة على المصحف … فأخوه أبوهاني قتل والمصحف بين يديه …
أزداد هما على هم … وغما على غم …
دم أبي هاني له ريح المسك … وهو لا يجدهنا سوى ريح ( الهامبرغر ) …
مسكين … إنه يعاني من النسيان … فتلك بلاد ( الباكوروبان ) والـ ( وان مان شو ) وليست بلد المسك …
مسكين… فإنه يشعر بأنه سجين في جلده …
مسكين … الدم يغلي في عروقه كالمرجل …
مسكين... دماغه يكاد يتناثر من رأسه … لقد شعر بأنه غريب …
..دي إس إس... ا نكم...كولج...جي بي... هوسنك..جوب سنتر..
كلمات لا تطفئ ناراً ولا تذهب حزناً … ولا تشفي جرحا ولا تبعث دفئاً … كلمات تصنع ذلا…
مسكين ... يشعر بغربة مركبة … فهو في المنفىذو النكد الحضاري …
جلس يتذكر وقلبه يخفق … يكاد يزلزل جسده فيجعله حطاما …يتذكر أياماً بالأمس القريب...
المضافة كأنها خلية نحل من التلاوة … مجموعة جديدة تصل… وأخرى تغادر إلى الجزيزة… الاخوة بحاجة إلى وجوه غير معروفة … الجرحى في المستشفى بحاجة إلى مرافقين … … مجموعة ستذهب غدا إلى التعليم… ازدحام على ماكينة غسيل الملابس … مجاهديصيح ( العشاء جاهز يا اخوة ) .
هيئة الاغاثة...المرابطون...قرية بابي...مخيم المهاجرين الافغان … بوابة طورخم.. ..قبر علي عبد الفتاح وعدلي يوسف… نهر جلال آباد … جبل قباء… …
عمريؤذن لصلاة المغرب … ابو هاني يوقد النار والدخان يزعجه فيبعده بيده … وهو عاقد حاجبيه … ذلك البحيري في أعلى الجبل وابتسامته العريضة لا تفارق شفتيه … طارق يمازح أبا الدرداء والجميع يضحك … أبو اليسر يختم دروس السيرة بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم والجميع كأن على رؤوسهم الطير …ابوعماريقود السيارة ويلوح بيده... الشمس مشرقة والاخوة فوق الرمال يشربون الشاي ...الحسين يحزم أمتعته كي يغادر والحزن يخيم على وجهه … حمزه يقرأ رسالة من أهله … صهيب ينظم الاخوة … أبو بكر يتفرغ للتعليم بعد ان فقد إحدى قدميه … يونس معتكف على خدمة اخوانه … وكرم يتلو ** سيهزم الجمع ويولون الدبر } …
… خالد حفني ...عدلي يوسف ...أحمد حمودة...شريف عبد الرحمن.
أسماء ...تطفي ناراً … تذهب حزناً … تشفى جرحاً … تبعث دفئاً … أسماء تصنع عزاً …
مسكين ... أنه يعاني من النسيان … ولكن رؤية المصحف أثارت شجونه وأيقظت فكره ونكأت جراحه …
خيم الظلام … وأرخى الليل سدوله … ورياح الغربة تعصف بالأشياء … الأنوار تنبعث من كل مكان … حمراء … زرقاء … صفراء … خضراء … أصوات الموسيقى تصرخ من كل مكان … تتعالى … ترتفع … تتقاطع … خطوات المخمورين تتعثر يمينا وشمالا … ونوادي قوم لوط تستقبل الرواد بتصريح من البرلمان …
مسكين... يسير في الطريق ...وسط جاهلية القرن العشرين شارد الذهن طاويا همومه في صدره … يحمل أثقال الأرض على أكتافه … يكفكف دموعه … مختنقا بعبراته … خطواته متثاقلة من شدة الإرهاق … يحرك شفتيه وكأنه يتمتم ببعض الكلمات … أظنه يردد … (ربي أخرجني من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لي من لدنك وليا واجعل لي من لدنك نصيرا)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق