رؤية نقدية تصحيحية
أسامة رشدي: الحركة الإسلاميَّة مطالَبة بالتطوير قبل الانخراط السريع في العمل السياسي
أسامة رشدي: الحركة الإسلاميَّة مطالَبة بالتطوير قبل الانخراط السريع في العمل السياسي
حوار/ عبد الرحمن أبو عوف استبعد أسامة رشدي القيادي السابق في الجماعة الإسلاميَّة ورئيس جبهة إنقاذ مصر وجود أيَّة مخططات للعودة لصفوف الجماعة الإسلاميَّة مجددًا, مشددًا على أنَّ 13 عامًا من العمل المستقل فرضت عددًا من الالتزامات والصلات, تجعل هذه العودة أو الارتباط التنظيمي بجماعة دينيَّة أو سياسيَّة أمرًا شديد الصعوبة. ورغم ذلك لم ينفِ رشدي في حواره مع موقع "الإسلام اليوم" وجود صلات وثيقة مع أغلب قيادات ورموز الجماعة الإسلاميَّة, مدللًا على ذلك بقيام شخصيات قياديَّة منها بإجراء اتصالات هاتفيَّة معه لتهنئته بالعودة, بل وحرصها على دعوته لحضور حفل تدشين حزب البناء والتنميَّة، وهو ما رحَّب به وأيَّده. ومع هذا لا يُخفي قلقله من انخراط التيارات الإسلاميَّة بشكلٍ سريع في الحياة السياسيَّة, خصوصًا أنها مطالبة بتطوير رؤاها السياسيَّة, وحسم الجدل حول عددٍ من القضايا الملِحَّة؛ مثل موقفها من الأقباط, والمرأة, وغيرها, قبل الانخراط بهذا المعدل السريع في العمل السياسي وتحمل تبعات ذلك. ونفى رشدي وجود أي علاقة لجبهة إنقاذ مصر برموز أقباط المهجر وإن كان لا ينفي ارتباطه برموز قبطيَّة في الخارج تحمل أجندة وطنيَّة, مشيرًا إلى أن وجود الجبهة في الخارج لم يترتبْ عليه تبني مواقف تخالف قناعات أعضائها الدينيَّة والوطنيَّة. قضايا عديدة تناولها الحوار مع رشدي سنتناولها بالتفصيل في السطور التالية.. تعد قضية خروجك من الجماعة الإسلاميَّة من المحطات الصعبة في حياتك خصوصًا أنها تزامنت مع انتقادات شديدة لمسلكك؟ حينما غادرتُ الجماعة الإسلاميَّة لم يكن هذا تخليًا عن المسئوليَّة، لا سيَّما أنه جاء بعد أن رست سفينة الجماعة لبرّ الأمان عام 1997، وتَمَّ تأييد مبادرة وقف العنف حسمت التباينات بيني وبين القيادي البارز بالجماعة رفاعي أحمد طه، وإعلان الجماعة عدم وجود علاقة لها بأحداث الأقصر، بل وتأكيدها أن تورُّط بعض الأفراد فيها جاء من تلقاء أنفسهم، وهو الأمر الذي تناقض مع إعلان بعض قيادات بالخارج مسئوليتهم عن العمليَّة بشكلٍ أثار اللغط حول مصير مبادرة وقف العنف، بل إن البعض قد حاولوا استغلال هذه الحادثة للتأكيد على تراجع الجماعة عن مبادراتها، بل واتَّهموها بخداع الرأي العام، وهو ما يعدُّ مخالفًا للمنطلقات الشرعيَّة للجماعة الإسلاميَّة؛ كونها تحظر القيام بمجازر جماعيَّة في صفوف الآمنين، وقد رفضت مساعي أخي رفاعي لاستخدام هذه المجزرة في إطار الصراع السياسي مع نظام مبارك، بل وتسويق المعركة وإعطائها أبعادًا عالميَّة تضرُّ الجماعة، وهو ما دَعَا بعض الجماعات لسحب تفويضها للشيخ رفاعي، وتعيين الأخ مصطفى حمزة رئيسًا للجناح العسكري للجماعة. طابع عالمي ولكن هذا التغيير زاد من التوتر داخل مجلس شورى الجماعة، وفاقم من الخلافات بينك وبين رفاعي طه لا شك أن التوافق على دعم مبادرة وقف العنف كان يحظى بإجماع بين قيادات ورموز الجماعة، بل إنهم أعلنوا تمسكهم بالمبادرة بعد عملية الأقصر، غير أن توقيع الأخ رفاعي طه على انضمام الجماعة الإسلاميَّة للجبهة العالميَّة لقتال الصليبيين واليهود أضرَّ الجماعة بشدة، وأدخلها في مواجهة صعبة مع القوى الدوليَّة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، بل أنه بمسلكه هذا قد حاول تكريس اختطاف الجماعة الإسلاميَّة من قِبل الجبهة بشكلٍ يخالف منطلقات الجماعة الإسلاميَّة، ورغم نفي طه لانضمام الجماعة للجبهة إلا أن التوتر استمرَّ بيني وبينه، حتى سعى البعض لفضّ الاشتباك بيننا عبر طرح خروجنا سويًّا من مجلس شورى الجماعة. ولكن هل أجبرت على الاستقالة من مجلس شورى الجماعة تحت وطأة وجود خلافات شديدة بينك وبين رفاعي طه؟ لم أجبر على الاستقالة، بل كنت حريصًا على توفير بيئة ملائمة للعمل داخل مجلس الشورى، لا سيَّما أنه كان يواجه ملفاتٍ شديدة الصعوبة، ومنها العمل على إيجاد تسوية لمشكلة وجود عشرات الآلاف من كوادرها رهن الاعتقال وأحكام الإعدام؛ حيث كنت أشعر بمأساة حرمانهم وأسرهم وذويهم من حريتهم، ونظرًا لتصاعد حدة التباينات طُرح مقترحٌ بخروجي أنا وأخي رفاعي طه من مجلس الشورى، وهو ما تحقَّق بالفعل دون الإساءة لأحد. لكن رفاعي طه أصدر بيانًا تنصَّل من خلاله من وجود أي صلات بين الجبهة والجماعة الإسلاميَّة لقد مورِسَت ضغوط شديدة على الشيخ رفاعي لسحب توقيعه باسم الجماعة الإسلاميَّة على الانضمام للجبهة العالميَّة لقتال الصليبيين واليهود؛ حيث فوجئت بتضمين اسمي ضمن بيان لإدانة الغارات الأمريكيَّة على العراق، رغم أنني لم أوقعْ على هذا البيان، وقد طالبنا الجبهة بنفي أي علاقة للجماعة الإسلاميَّة به إلا إنهم ماطلوا في الاستجابة، حتى تَمَّت مطالبة الأخ رفاعي بإصدار بيانٍ نُشر على موقع المرابطون في عدة صفحات ينفي انضمام الجماعة للجبهة، وينفي استشارته لمجلس شورى الجماعة قبل هذا الإعلان. ضرر بالغ برأيك ما الذي دفع رفاعي طه لتبنِّي مسلك إقحام الجماعة في الانخراط في الجبهة رغم خطورة ذلك على مسارها؟ ربما يكون وجود رفاعي في أفغانستان والواقع الذي كان يعيش فيه هو من فرض عليه هذا الأمر وأثَّر في توجهاته، خصوصًا بعد 11سبتمبر، وبحسب ما قيل، وطبقًا للمعلومات التي عَثَر عليها الأمريكيون بعد فحصهم لجهاز لاب توب قد يكون خاصًّا به، عُثرَ على وثائق تتبنَّى محاولات لإفشال مبادرة وقف العنف، بل وجرّ الجماعة لمواجهة عالميَّة مع الولايات المتحدة، رغم أن هذا الأمر لا يعدّ من أهداف الجماعة الإسلاميَّة، بل وأضرَّ بالجماعة ضررًا بالغًا بعد عمليتي تفجير السفارة الأمريكيَّة في نيروبي ودار السلام. تتحدث عن وجود اختلافات عديدة بين الجماعة والقاعدة رغم الاقتراب الإيديولوجي بين الطرفين لم تكن هناك أي علاقات قويَّة بالقاعدة، بل على العكس، كانت القاعدة لا تخفي عداءَها للجماعة، بل ووصل الأمر لتكفيرها بواسطة مفكِّري التنظيم، بل شنَّ منظِّرو التنظيم، ومنهم د. سيد إمام، هجومًا شرِسًا على مراجعات الجماعة الإسلاميَّة، وبذلوا الغالي والنفيس من أجل إفشالها، بل وتحدَّثوا عن عمالة للنظام المصري البائد. تطورات دوليَّة على ذكر النظام المصري مَن يدَّعي أن تعاطي النظام المصري المخلوع الإيجابي مع مبادرة وقف العنف كان هدفه تمهيد الساحة لنجل الرئيس للوصول للسلطة بسهولة وهدوء؟ لا أدعم هذا الطرح؛ فالجماعة الإسلاميَّة -ومنذ وفترة ليست بالقصيرة- خرجت من ساحة التأثير؛ خصوصًا على الساحة السياسيَّة، ولم تكن قادرةً على التصدي لهذا السيناريو أو تأييده، وإنما فرضته تطورات خارجيَّة وضغوط أمريكيَّة، خصوصًا مع وقوع أحداث سبتمبر وتوتر العلاقات المصريَّة الأمريكيَّة في عهد بوش الابن. استقالتك من الجماعة وغيابك عن مصر لسنوات طويلة لم يبّدد الجفوة مع قيادات الجماعة لدرجة أن أحدًا من رموزها لم يخرجْ لاستقبالك في المطار علاقتي بجميع الإخوة في الجماعة الإسلاميَّة طيِّبة؛ حيث لم أدخل في أي صراع مع أحد، ولم أحمل ضغينة لأحد، وهو ما حافظ على علاقات وديَّة مع الجميع، حتى مع من اختلفت معهم داخل الجماعة، وأنا عمومًا أُحسن الظنَّ بجميع أخوتي، فربما حالت ظروفهم الشخصية دون الحضور للمطار، غير أن أغلب أعضاء مجلس شورى الجماعة وفي مقدِّمتهم د. عصام دربالة والشيخ عبود ود. طارق الزمر وعاصم عبد الماجد وغيرهم اتصلوا لتهنئتي بسلامة العودة، وهو ما كان محطّ تقدير كبير بالنسبة لي؛ حيث أكّدت هذه الاتصالات أن الودّ والحميميَّة ما زال يحكم علاقتي بالجماعة التي حرصت على دعوتي فور العودة لحضور إعلان تدشين حزب البناء والتنمية الخاص بالجماعة. ولكن ألا تتيح هذه الحميمية الفرصة لعودتك للجماعة مرة أخرى لممارسة دورها، خصوصًا أن الجماعة أعلنت عن خوضها العمل السياسي وتأسيس حزب سياسي؟ لقد ترتب على مغادرتي الجماعة وانخراطي في العمل السياسي كمستقلّ لمدة 13 عامًا التزاماتٌ وصلاتٌ مع جهات عديدة، وصارت هذه الالتزامات قيودًا على تبنِّيك وجهة نظر جماعة أو تيار سياسي أو ديني، لذا فأنا حريص على الوقوف على مسافة واحدة مع جميع القوى السياسيَّة، إسلاميَّةً كانت أم ليبراليَّة، لذا فليس لديَّ أي تخطيط للعودة للجماعة، رغم اهتمامي بشئونها ورغبتي في متابعة جميع أنشطتها، مع أن لديَّ تحفظًا على سرعة انخراط التيارات الإسلاميَّة في العمل السياسي، خصوصًا أنها مطالبة بتطوير راؤها السياسيَّة وحسم الجدل حول عدد من القضايا الملحَّة قبل الانخراط بهذا المعدَّل السريع. لكنك أبديتَ تأييدًا لمساعي الجماعة لتشكيل حزب سياسي، فكيف تعترض رغم ذلك على انخراطها في الساحة السياسيَّة؟ بالفعل أيَّدت هذا الأمر باعتباره خطوةً في الطريق الصحيح، لكنه يتطلَّب حسم مواقف عديدة، منها الموقف من الأقباط والمرأة وغيرها، والتوجه بخطاب لا لبسَ فيه للرأي العام حتى في مسائل شديدة الأهميَّة، كقضايا الجهاد والحسبة والخروج على الحاكم وغيرها؛ لتبديد أيّ مخاوف لدى الرأي العام من الجماعة الإسلاميَّة. خلال السنوات الماضية أُثير لغط كبير حول صلات جبهة إنقاذ مصر التي ترأسها، منها صلاتك مع رموز من أقباط المهجر؟ لم تكن لي أي صلات مع أقباط المهجر، وخصوصًا مع رامي لكح ومايكل منير، ولم تكن هناك أي صلات تنظيميَّة أو مشاريع مشتركة معهما، وربما كانت صلاتي بأحد رموز الأقباط في المهجر كانت بحكم شغلي منصب نائب رئيس الاتحاد المصري في أوروبا الذي كان يترأسه د. حلمي جرجس رئيس منظمة أقباط المملكة المتحدة، وهو شخصيَّة وطنيَّة معتدلة تحبِّذ الحوار لا المواجهة لتسوية أي مشاكل للأقباط في مصر، بل إن جميع من انضَوَوْا تحت لافتة الجبهة كانوا يعملون وفق مشروع وطني خالٍ من أي نزعات طائفيَّة أو أجندات خارجيَّة. لكن هناك اتهاماتٍ وجّهت للجبهة لتبنِّي مواقف مهادنة للغرب، منها الموقف من احتلال العراق وغيرها سعيًا لتسويق نفسها دوليًّا؟ جميع مواقف الجبهة ثابتة ومنشورة، سواء تجاه احتلال العراق والإجرام الصهيوني في حربي لبنان وغزة، بل إن الجبهة لعبت دورًا في المظاهرات المندِّدة بالإرهاب الصهيوني ضدّ الشعبين الفلسطيني واللبناني، بل إننا دفعنا ثمنًا لهذه المواقف، وبالتالي فنحن لم نهادنْ، ونتبنى مواقف ليِّنة؛ سعيًا لاستمرار الدعم الغربي لوجودنا في الخارج. من الحاضر نعود للماضي البعيد نسبيًّا، حيث ارتبطتَ خلال وجودك في مصر بعلاقات وثيقة مع وزير الداخلية الأسبق عبد الحليم موسى، مما أسهم في وجود حالة جفاء مع زكي بدر فهل تشرح لنا طبيعة هذه العلاقة؟ خلال السنوات الأخيرة من ثمانينات القرن الماضي كان موسى محافظًا لأسيوط بعد انتهاء خدمته بجهاز مباحث أمن الدولة، وخلال هذه الفترة كان هناك صراع خفيّ بينه وبين وزير الداخليَّة حينذاك زكي بدر، وخلال شهر ديسمبر عام 1989 صدر قرار من رئيس جامعة أسيوط بفصل جميع الطالبات المنتقبات في كلية طب أسيوط من المدينة الجامعيَّة، وهو ما كانت له تداعياتٌ خطيرة جدًّا في ظلّ الأوضاع الخاصة جدًّا للفتيات في صعيد مصر، وعدم اطمئنان ذويهم على وجودها خارج المدينة الجامعيَّة، المهم أن قرار الفصل صدَرَ وتَمَّ البدء في تنفيذه، وهو ما قوبل باعتراضاتٍ كبيرة وتنظيم اعتصام في مقرّ مستشفى أسيوط الجامعي، والذي يعدُّ من أكبر المستشفيات الجامعيَّة في مصر. فضّ الاعتصام بعد تنظيم الاعتصام كيف سارت الأحداث وما طبيعة التعاطي الحكومي معها؟ تدهورت الأوضاع وتَمَّ منع الأطباء من دخول المستشفى، وكان الوضع شديد الصعوبة مع وجود مساعٍ من أجهزة الأمن لاقتحام المستشفى، غير أنني تدخَّلت وعبر اتصالات مع اللواء موسى لتسوية الأزمة عبر فضّ الاعتصام، مقابل إلغاء قرار فصل الطالبات، ونجحنا في إنقاذ أسيوط من مذبحة، وهو ما أغضب وزير الداخليَّة زكي بدر، والذي كان راغبًا في تفجير الوضع. ولكن ماذا كان رد فعل وزير الداخليَّة زكي بدر على دورك في تسوية الأزمة؟ فوجئتُ بصدور أمر باعتقالي لعدة أيام ونقلي للقاهرة، وتم تأنيبي على دوري في تطويق الأزمة وتم توجيه أسئلة من عينة ما هي طبيعة علاقتك بوزير الداخليَّة عبد الحليم موسى، وأجبتُ بأن علاقتي به طبيعية، وقد أثار اعتقالي استياء اللواء موسى الذي تقابلتُ معه على هامش تشييع جنازة في أحد مقابر أسيوط؛ حيث أبدى غضبه الشديد واستهزَأَ بشدة من مسلك بدر، وخلال مدة قصيرة توثَّقَت الصلة بيني وبينه لدى تدخُّلي ومحاولتي حلّ مشاكل معقدة في محافظة أسيوط، وهو ما تكرَّر من قِبل أمين عام الحزب الوطني بأسيوط محمد عبد المحسن صالح الذي استدعاني للاطِّلاع على ما جرى معي بمقرّ وزارة الداخليَّة. قصتك تشير لخلافات شديدة ومواقف عدائيَّة بين زكي بدر وعبد الحليم موسى فهل تطلعنا على أسرار هذه العلاقة؟ لقد وقعت وقائع في قسم الخليفة، حيث وجّهت اتهامات لابن عم اللواء موسى -وكان يدعى موسى- بحيازة مخدرات والاتجار بها في قرية بطا بالقليوبية، حيث لم تكتفِ قوات الداخليَّة باعتقاله، وهو ما اعترض عليه أبناؤه، ولكنهم -وبتعليمات من بدر- بادروا بتصفيتهم انتقامًا من اللواء موسى، حيث كان بدر لا يجد أي مشكلة في سفك الدماء لدرجة دفعت موسى للتهكم على سياسته أثناء شغله منصب محافظ أسيوط بالقول: "إذا كان بدر ورجاله يريدون حرق البلاد فليقولوا لنا حتى نحرقها معهم". وهو نهج يوضِّح كيف استعان نظام مبارك بالسفاحين ومصاصي الدماء وقادة التشكيلات العصابيَّة البلطجيَّة للتخلص من الإسلاميين والمعارضة. كأنك تحاول الإشارة لتمتع موسى بشخصيَّة مخالفة لبدر رغم أن وجوده على سدة وزارة الداخليَّة شهد عمليات دمويَّة بمعدل حتى أكبر من بدر؟ لقد وصل موسى لسدة الوزارة بعد إقالة بدر، ولم يكن قد بدأ عملَه بعد، حتى تَمَّ توريطه في عمليات دمويَّة شديدة تورَّطَت فيها بشكلٍ متعمَّد مباحث أمن الدولة؛ حيث عملوا على إقحامه في شلال من الدماء، وقاموا بتصفية قيادات بارزة في الجماعة الإسلاميَّة، مما كرَّس نوعًا من الاحتقان في علاقة الدولة بالجماعة، وبدأت المواجهات الدمويَّة بين الطرفين، بل إن أجنحةً داخل أمن الدولة هي من عرقلتْ محاولة إعادة الهدوء لعلاقات الطرفين عبر لجنة حكماء قادها الشيخ الشعراوي بدعم من موسى، وشارك فيها الشيخ الغزالي والكاتب الصحفي فهمي هويدي لإجراء حوار مع الجماعة يُفضي للتهدئة ووقف حالة الاستهداف، ولكن هذه المحاولة لم يُكتبْ لها النجاح بفضل تحريض اليساريين على توجيه ضربات استباقيَّة للجماعة، وهو ما حظِيَ بدعم مبارك الراغب بقوة في توجيه ضربات قاتلة للجماعة تسوِّق نظامه أمام القوى الغربيَّة.. المهم الأمر انتهى بإقالة موسى وتلقِّيه نبأ إقالته من خلال الراديو. دعم دولي هل كان تفجير العنف وشلالات الدماء مقصودًا من قِبل النظام لتحقيق حزمة من الأهداف؟ بالفعل نظام مبارك لا يأبه بشلالات الدماء، وكان مستعدًّا لتحويل البلاد لساحة صراع دموي، بل إنه لم يجد حرَجًا خلال إدلائه بحوارات لجريدة الوطن الكويتيَّة للإيحاء بخطورة الأوضاع في مصر، وحاجته ليدٍ من حديد رغبةً في تأمين الدعم الدولي لاقتصادها المنهار، تحت زعم محاربته للإرهابيين، بل إنه استغلَّ توتُّر العلاقة مع الجماعة الإسلاميَّة لتمرير اتفاقٍ مُخزٍ مع صندوق النقد الدولي، عبر التلويح بإمكانيَّة سقوط مصر في براثن الإسلاميين والتعامل معهم كفزاعة للغرب. الرابط | |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق